للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٧٤].

يعني: لا تجعلوا لله مثلاً، فتقولون: مثل الله كمثل كذا وكذا‍ أو تجعلوا له شريكاً في العبادة.

يعني {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}، بمعنى: أنه سبحانه وتعالى يعلم بأنه ليس له مثل، وقد أخبركم بأنه لا مثل، وقد أخبركم بأنه لا مثل له، في قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]، وقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص: ٤]، وقوله: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم: ٦٥] ... وما أشبه ذلك، فالله يعلم وأنتم لا تعلمون.

يقال: إن هذه الجملة تتضمن الدليل الواضح على أن الله ليس له مثل، وأنها كضرب المثل في امتناع المثل، لأننا نحن لا نعلم والله يعلم، فإذا انتفى العلم عنا، وثبت لله، فأين المماثلة؟! هل يماثل الجاهل من كان عالماً؟!

ويدلك على نقص علمنا: أن الإنسان لا يعلم ما يفعله في اليوم التالي: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً} [لقمان: ٣٤]، وأن الإنسان لا يعلم روحه التي بين جنبيه: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: ٨٥].

وما زال الفلاسفة والمتفلسفة وغيره يبحثون عن حقيقة هذه الروح، ولم يصلوا إلى حقيقتها، مع أنها هي مادة الحياة، وهذا يدل على نقصان العلم في المخلوق، ولهذا قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً} [الإسراء: ٨٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>