للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثالث: أنه وفاة موت: {مُتَوَفِّيكَ}: مميتك, ومنه قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: ٤٣].

والقول بأن {مُتَوَفِّيكَ} متوفيك بمعنى مميتك بعيد؛ لأن عيسى عليه السلام لم يمت، وسينزل في آخر الزمان؛ قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: ١٥٩]؛ أي: قبل موت عيسى على أحد القولين، وذلك إذا نزل في آخر الزمان. وقيل: قبل موت الواحد؛ يعني: ما من أحد من أهل الكتاب إلا إذا حضرته الوفاة؛ أمن بعيسى, حتى وإن كان يهودياً. وهذا القول ضعيف.

بقى النظر بين وفاة القبض ووفاة النوم, فنقول: إنه يمكن أن يجمع بينهما فيكون قابضاً له حال نومه؛ أي أن الله تعالى ألقى عليه النوم؛ ثم رفعه, ولا منافاة بين الأمرين.

قوله: {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}: الشاهد هنا؛ فإن {إِلَيَّ} تفيد الغاية, وقوله: {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} يدل على أن المرفوع إليه كان عالياً، وهذا يدل على علو الله عز وجل.

فلو قال قائل: المراد: رافعك منزلة؛ كما قال الله تعالى: {وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [آل عمران: ٤٥].

قلن هذا لا يستقيم؛ لأن الرفع هنا عدى بحرف يختص بالرفع الذي هو الفوقية؛ رفع الجسد، وليس رفع المنزلة.

واعلم أن علو الله عز وجل ينقسم إلى قسمين: علو

<<  <  ج: ص:  >  >>