للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفة المتكلم, وليس شيئاً بائناً منه؛ فوجب أن يكون القرآن كلام الله لا كلام غيره.

{ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}: {يُحَرِّفُونَهُ}: أي: يغيرون معناه.

وقوله:: {مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}: {يُحَرِّفُونَهُ} هذا أشد في قبح عملهم وجرأتهم على الله سبحانه وتعالى: أن يحرفوا الشيء من بعد ما عقلوه ووصل إلى عقولهم وهم يعلمون أنهم محرفون له؛ لأن الذي يحرف المعنى عن جهل أهون من الذي يحرفه بعد العقل والعلم.

{يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ} [الفتح:١٥].

في هذه الآية إثبات أن القرآن كلام الله؛ لقوله: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ}.

والضمير يعود على الأعراب الذين قال الله فيهم: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ} [الفتح: ١٥]؛ فهؤلاء أرادوا أن يبدلوا كلام الله, فيخرجوا مع الرسول عليه الصلاة والسلام, ولكن الله تعالى إنما كتب المغانم لقوم معينين, للذين غزوا في الحديبية, وأما من تبعوه لأخذ الغنائم فقط؛ فلا حق لهم فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>