للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن الحكم: من لم يعذب نفسه لم يَنعمها، ومن لم يُقتلها لم يُحْيها. ذكره البيضاوى في تفسير الآية.

وأنكر القاضى عبد الجبار، أن يكون الله تعالى قد أمر بنى إسرائيل بقتل أنفسهم، إذ الأمر لمصلحة المكلف، وليس بعد القتل حال تكليف ليكون فيه مصلحة.

وقرأ قتادة {فَأَقِيلُوا أَنْفُسَكُمْ}: بالياءِ بدل التاء. والمعنى: إن أنفسكم تورطت في هذا الذنب العظيم، وفعلت ما يهلكها، فأقيلوها وارفعوها من هذه الورطة؛ بالتوبة والتزام الطاعة. وهذه القراءَة تزكى المعنى الثاني لقتل النفس المطلوب منهم.

٣ - {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ} جملة معترضة: للتحريض على التوبة. يعني أن قتلهم لأنفسهم - بالندم على عبادة العجل- خير لهم من بقائهم على عبادته، لما يترتب عليه من العذاب والهلاك الدائم. وكرر كلمة الباريءِ، اعتناءً بالحث على التسليم لما أمَرَ به، وتَلَقى ما يرد من قبله بالقبول والامتثال.

٤ - {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} إِن كان خطابا من الله لهم، فهو معطوف على محذوف، وكأنه قال: ففعلتم ما أَمركم به، فتاب عليكم بارئكم.

وإِن كان كلام موسى، فهو جواب شرط تقدبره: إن فعلتم ما أمرتم به. فقد تاب عليكم. وإنما لم يقل: فتاب عليهم، ليعود الضمير على القوم أَسلافهم، لأن هذه نعمة أريد بها تذكير المخاطبين في عهده صلى الله عليه وسلم. لا أسلافهم. فالنعمة على الآباءِ نعمة على الذرية.

{إِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦)}.

المفردات:

{لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ}:"لن"؛ لنفي الفعل في المستقبل، ولا تفيد تأكيدًا ولاتأبيدًا، خلافًا للزمخشري، حكاه صاحب القاموس. والإيمان: التصديق الجازم.

<<  <  ج: ص:  >  >>