للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير

١٠٢ - {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ ... } الآية.

لما بين الله سبحانه وتعالى الآية السابقة ضلال الكافرين وتغافلهم عن التدبر في آياته الهادية إلى ذكره وطاعته - أنكر عليهم في هذه الآية اتخاذهم بعض عباده آلهة يعبدونهم من دونه، أو أنصارًا ينصروكم ويخلصونهم من عذابه.

والمعنى: أجهل هؤُلاء الذين كفروا بي فظنوا أن اتخاذهم بعض عبادى آلهة أو أنصارًا ينجيهم من عذابي! كلا، إنهم بظنهم هذا لفى ضلال مبين، ولو كان أَولياؤُهم من الملائكة أو العباد المقرببن، ثم أكد سبحانه هذا الإنكار على الكافرين به فقال:

{إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا}: أي إِنا هيأْنا لهؤُلاه جهنم جزاء على عبادتهم لغيرنا واتخاذهم أولياء. وفي هذا ما فيه من التهكم بهم والتخطئة في حسبانهم ذلك، مع الإيماء إلي أَن لهم من وراه جهنم ألوانًا أخرى من العذاب (١)، وليست جهنم إلا مقدمة له. وأما إِذا كان النُّزل بمعني المنزل أو المثوى، فالمراد بيان انعكاس مقصودهم من النجاة إلى الهلاك.

١٠٣ - {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا}:

قيل إن المراد بهؤُلاء الأخسرين: أهل الكتابين: اليهود والنصارى، ولكن ظاهر الآية الكريمة أنها عامة في كل من عبد الله علي غير شريعته التي شرعها لعباده، يحسب أنه مصيب فيها وأن عمله مقبول، ولكنه مخطىء وعمله مردود عليه.

أي قل أيها الرسول للمشركين خاصة، وللكافرين عامة: هل أُخْبركم بأشد الناس خسرانا لأعمالهم وحرمانًا من ثوابها؟! ثم فسرهم بقوله:

١٠٤ - {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}:

أيْ أن الاخسرين أعمالًا من سائر الملل والنحل هم الذين أتعبوا أنفسهم في أعمال يبغون بها ثوابًا وفضلًا، فنالوا بها هلاكًا وخسرا، كالذى اشترى سلعة يرجو بها ربحًا عظيمًا، فخاب


(١) فإن لفظ "النزل" يعبر به عما يقدم للضيف أول ما ينزل من غير كلفة، ويكون عادة مقدمة لما يقدم له بعد بعناية، وقد عبر به هنا عما يقدم للكافرين أول نزولهم للعقاب وهو جهنم، فما ظنك بما يكون بع

<<  <  ج: ص:  >  >>