للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي رواية الأَكثر ولا تحل المرأَة بالهبة لغير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}.

قال القرطبي: أجمع العلماءُ على أَن هبة المرأَة غير جائزة، وأن لفظ الهبة لا يتم به نكاح إلا ما روى عن أَبي حنيفة وصاحبيه، فإنهم قالوا: إذا وهبت فأَشهد هو على نفسه بمهر فذلك جائز، قال ابن عطية: فليس في قولهم إلا تجويز النكاح بلفظ الهبة مع استيفاءِ ما يطلب في النكاح كالمهر: اهـ بتصرف يسير.

المعنى الإجمالي للآية: يا أيها النبي إنا أَحللنا لك أَزواجك اللاتي أعطيتهن مهورهن، وأحللنا لك الاستمتاع بالجواري اللاتي ملكتهن من غنائم الجهاد، وأَحللنا لك بنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن إلى المدينة معك (١)، وأحللنا لك امرأَة مؤمنة وهبت نفسها لك إن أَردت نكاحها، فإن إرادتك هذه تقوم مقام القبول، وقد خصك الله بما خصك به من دون المؤمنين من أَجل نبوتك تشريفًا وتكريمًا لك بها (٢)، قد علمنا ما فرضنا عليهم في أَزواجهم من اشتراط العقد إيجابًا وقبولا وأَن لا يتجاوزن أَربعة، ووجوب القسم والمهر بالوطءِ حيث لم يسم، وما فرضناه لهم من التسري بملك اليمين كيف شاءُوا، وقد خصصناك - أَيها النبي - بما خصصناك به لكيلا يكون عليك ضيق عند الاقتضاء، وكان الله واسع الغفران، فيغفر ما يعسر التحرز عنه، عظيم الرحمة بالتوسعة في مظان الحرج.

{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (٥١)}


(١) قال البيضاوي: يحتمل تقييد الحل بالهجرة في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة.
(٢) ولهذا عدل عن الخطاب في الآية إلى ذكره بعنوان النبوة في معرض الخصوصية.

<<  <  ج: ص:  >  >>