للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والوعد: يستعمل في الخير أكثر من الشر، وهو هنا، مستعمل في الشر، كما في قوله تعالى: {النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (١).

{وَيَامُرُكُم بِالْفَحْشَآءِ}: أي ويحضكم على البخل بالصدقات. فالمراد بالفحشاء هنا: البخل. والعرب تطلق كلمة الفاحش: على البخيل. ومنه قول طرفة بن العبد:

أرى الموتَ يعتام الكرام ويصطفي ... عقيلة مال الفاحش المتشدد (٢)

وقيل: المراد بالفحشاء، جميع المعاصي.

{وَفَضْلًا}: أي زيادة في الرزق، أو ثوابا في الآخرة، أو الأمرين جميعا.

{وَاسعٌ}: أي صاحب سعة. والمراد بها هنا: سعة النعمة والمغفرة.

التفسير

٢٦٨ - {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ ... } الآية.

لما رغَّب الله تعالى عباده في الإنفاق من أجود ما يملكون، حذَّرهم بعد ذلك من وسوسة الشيطان فقال:

{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ}: أي يقول لكم إن تصدقتم افتقرتم.

{وَيَامُرُ كُم بِالْفَحْشَاءِ}: أي يحضكم على البخل بأموالكم وحبسها عن وجوه البر، لتبقى لكم، فتظلوا أغنياء، ويعرضكم بوساوسه هذه للبعد عن رضا الله ورحمته.

{وَاللهُ يَعِدُكُمْ}: على الإنفاق في سبيله.

{مَغْفِرَةً مِّنْهُ}: لذنوبكم.

{وَفَضْلًا}: أي زيادة في الخير لكم بالبركة في المال، والسعة في الرزق، والثواب في الآخرة. فلا تثقوا بوعد الشيطان، ولا يغرنكم بالله الغرور، فإنه عدوٌّ لكم، وثقوا بوعد الله فإنه ربكم وهو أرحم بكم، وأعلم بما فيه صلاحكم.

{وَاللهُ وَاسِعٌ}: يسع بمغفرته وفضله من أطاعوه فيما أمر، وانتهوا عما حذر منه وأنذر.

{عَلِيمٌ}: بكل شيءٍ، فلا يخفى عليه من أطاع شيطانه وهواه، ومن امتثل أوامر مولاه.


(١) الحج: من الآية ٧٢
(٢) يمتام: بمعنى يختار. عقيلة مال: أي خيره. المتشدد: الشديد البخل.

<<  <  ج: ص:  >  >>