للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ) وزيادة المقابر على ما تقدم على ظاهرها، وقيل المراد: ألهاكم التكاثر بالأموال والأولاد إلى أن متم وقبرتم منفقين أعماركم في طلب الدنيا والتهالك عليها إلى أن أتاكم الموت وأنتم لاهون عن العمل لآخرتكم، وزيادة القبور على هذا عبارة عن الموت.

قال الآلوسي: وفي هذا إشارة إلى تحقق البعث، يحكى أن أعرابيًّا سمع ذلك فقال: بعث القوم ورب الكعبة فإن الزائر منصرف لا مقيم، وعن عمر بن عبد العزيز أَنه قال: لا بد لمن زار أن يراجع إلى جنة أو نار، وفيه أيضًا إشارة إلى قصر زمن اللبث في المقابر، والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع، قال ابن كثير: والصحيح أَن المراد بقوله تعالى: (زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ) أَي: صرتم إليها ودفنتم فيها -روى أسلم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) في الأموال والأولاد عن الطاعة (حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ) أي: حَتَّى يَأْتِيكُمُ المَوتُ، ثم نبههم إلى خطأ ما هم فيه، وزجرهم عن البقاءِ على تلك الحال التي تنتهي إلى وخيم العاقبة فقال:

٣ - (كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ):

كَلاَّ: أَي؛ ارتدعوا عن الاشتغال بما لا يعينكم وانتبهوا إلى ما وقعتم فيه من خطأ. (سَوْفَ تَعْلَمُونَ): وتعرفون سوءَ مغبة ما أَنتم عليه إذا عاينتم عاقبته وشاهدتم جزاءَه، ونزل بكم عقابة، وهذا إنذار لهم ليخافوا فينتبهوا عن غفلتهم، ثم أَكد هذا وزاد في التهديد فقال:

٤ - (ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ):

وعيد بعد وعيد والتكوير تأْكيد للردع والإنذار لهم، و (ثُمَّ) للدلالة على أن الإنذار الثاني أَبلغ من الأَول وأَشد كما يقول العظيم لعبده: أَقول لك ثم أَقول لك: لا تفعل.

والمعنى: سوف تعلمون خطأَ ما أَنتم عليه إذا عاينتم ما قُدَّامكم من أهوال الآخرة، وإِن هذا التنبيه نصيحة لكم ورحمة بكم، وقال على كرم الله وجهه: الزجر الأَول في القبور،

<<  <  ج: ص:  >  >>