للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويكون الورود على النار لازما للجميع، يرد عليها المتقون عابري سبيل، فتكون عليهم بردا وسلاما، ثم يصدرون عنها، ناجين من عذابها، مصداقا لقوله تعالى هنا: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} ويكون ما وعدهم الله به من الإبعاد عنها عبارة عن كونهم - وإن دخلوها - لا يحسُّون منها وجعاً ولا ألماً.

ويَرِد عليها الكافرون والعصاة المتمردون فيُخلَّد فيها الكفار، ويصلى بنارها الفجار، مصداقا لقوله تعالى هنا: {وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}، روي عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الورود الدخول، لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم، ونذر الظالمين فيها جثيا) أسنده أبو عمر بن عبد البر في كتاب " التمهيد ".

وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} هذا غاية الوعيد والتهديد لمن أصر على الضلال، واغتر بإمهال الله له، ظنا منه أن ذلك نوع من الإهمال، نظير قوله تعالى: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام: ١١٠]، وقوله تعالى: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} [آل عمران: ١٧٨].

وقوله تعالى: {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} الشفاعة في العصاة بعد تعذيبهم لا تكون إلا بإذن الله، وهذا الإذن لا يمنح إلا لمن اتخذ عند الله عهدا، و (العهد) هنا لفظ جامع للإيمان والعمل الصالح {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>