للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معهم، على أساس قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}. وقوله عليه السلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

أما إذا كان الشخص سيتصدق وينفق ساخطا كارها، متسلطا بالأذى على ضعفاء المسلمين، فإنه أولى به أن لا يتصدق مطلقا، وإن أفضل صدقة يسديها إلى المحتاجين بالنسبة إليه هي كلمة طيبة ودعوة صالحة، تطييبا لخاطرهم، وتطمينا لقلوبهم، وإحياء لروح الأمل والتفاؤل في نفوسهم، فقد كاد الفقر أن يكون كفرا، كما جاء في الأثر، وبالإجمال، فالأثر النفسي الطيب الذي تحدثه الصدقة في نفس المحتاج، والشعور الذي توحي به إليه من التضامن والتكافل القائم بينه وبين إخوانه المسلمين هو الغرض الأساسي الأول، والهدف الأساسي الإسلامي الأسمى، المقصود من الصدقة والإنفاق في سبيل الله، والإسلام يحافظ بكل ما في الإمكان على شعور المسلم، ويعمل بكل الوسائل على صيانة كرامته كيفما كانت الظروف، وهذه المعاني كلها وما يناسبها هي التي يومئ إليها قوله تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى}. ونظرا لأن الحق سبحانه وتعالى لا يقبل الصدقة التي يتبعها المن والأذى من جهة، ونظرا لأنه سبحانه وتعالى يريد من عباده الصالحين أن يقابلوا ضعفاء المسلمين بروح الحلم والتسامح، لا بالأذى والقول الجارح، جاء ختام هذه الآية بالصيغة الآتية {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ}. (غني) عن المتبجحين بصدقاتهم، الذين يبذلونها كارهين مسيئين، (حليم) على الذين يبذلونها بحلم وكرم وإغضاء عن جفاء الفقير المضطر، إن بدرت منه بادرة قلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>