للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سبيل إلى معرفته، والتعرف عليه على حقيقته، لولا الوحي الذي أكرم الله به رسوله، وجعله برهان صدقه ودليله، يتحدى به الجاحدين والمكابرين، ويطاول به المشركين والكافرين، ويذكر به المؤمنين، ولذلك قال تعالى وهو يخاطب نبيه في الآية الأولى من هذا السياق: {وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ} أي لم تكن حاضرا لتلك الوقائع، ولا عارفا بتلك المواقع، وقال تعالى في سياق الآية الثانية: {وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} أي نحن الذين اصطفيناك وأرسلناك، ومن علم الغيب علمناك، وقال تعالى في سياق الآية الثالثة: {وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} على غرار قوله تعالى فيما سبق: {وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} أي قصصنا عليك أحسن القصص وعلمناك ما لم تكن تعلم، رحمة وتذكرة للقوم الذين طال عليهم الأمد، فقد سبقت لهم العناية، واقتضت حكمة الله أن يمدهم على يدك بهذا المدد، عسى ان يصلح الله أمرهم، ويجبر كسرهم، ويجعلهم خير أمة أخرجت للناس.

ثم زاد كتاب الله هذا المعنى توضيحا وتوكيدا، فقال تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ومعنى هذه الآية ان الله تعالى، رحمة منه وفضلا، نظر إلى حال " أهل الفترة والجاهلية الأولى " ولم يبادر إلى عقابهم بما يستحقون، رغما عما اجترحوه من المعاصي والآثام، في سالف الأيام والأعوام، لأنه لو لم يمهلهم، ولو بادرهم بالعقاب قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>