للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لحقوق الآخرة، لإقامة توازن وتكامل بين مطالب الروح ومطالب الجسد، وذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}، ووعده الحق هو التعرض للموت والبعث والثواب والعقاب {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}، والغرور هو استغراق العمر كله أو جله في التمتع بلذاتها، ونسيان الآخرة بعدم الاستعداد لعواقبها، والغفلة عن التفكير في تبعاتها، {وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}، هذا تحذير من وساوس الشيطان، الذي تعهد، منذ استخلاف آدم في الأرض، بخداع الإنسان، {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} (١٢٠: ٤)، {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}.

وتعريفا بما يؤول إليه أمر الكافرين والمؤمنين في الآخرة، قال تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}.

وحيث إن الرسول عليه السلام كان يغتم كثيرا، ويحزن حزنا كبيرا، لإصرار المشركين على شركهم، والكافرين على كفرهم، والمنافقين على نفاقهم، دعاه الحق سبحانه وتعالى إلى الرفق بنفسه، إذ ليس عليه هداهم، وإنما عليه البلاغ، وذلك قوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}، على غرار قوله تعالى في سورة آل عمران (١٧٦): {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا}.

<<  <  ج: ص:  >  >>