للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يبلغ الخبر إلى المساكين، فيضايقونهم بطلب الصدقة منهم حين قطف الثمار، لكن الله الذي يعلم السر وأخفى، اطلع على ما بيّتوه من سوء، فلما حان موعد القطف، ووصلوا إلى الضيعة فوجئوا أقبح مفاجأة، إذ وجدوا كل ما فيها أصبح هشيما أسود كالحا، كأنه أصابه الحريق، فقد علم الله ما بيتوا وعاملهم بنقيض قصدهم، وسلط على ضيعتهم آفة سماوية أهلكت الضيعة بكل ما فيها. ولشدة هول المفاجأة التي واجهتهم، أخذوا يتساءلون فيما بينهم، أهذه هي ضيعتنا أم هي ضيعة أخرى؟ إذ كانت بالأمس مثمرة في غاية النضارة، واليوم أصبحت قاتمة محترقة في غاية الذبول، وبدّلت الأرض غير الأرض. وبعدما تأكدوا أن الضيعة هي نفس ضيعتهم، شرعوا يتلاومون فيما بينهم، ويعترفون بسوء نيتهم، وبسوء تصرفهم، وأدركوا أن الله المطلع على الغيب قد عاقبهم على كفرهم بنعمته، فحرمهم منها بالمرة حرمانا تاما، وبذلك خسروا رأس مالهم، وخسروا الربح الذي ينتظرونه من رأس المال، جزاء ما بيّتوه من هضم حقوق المساكين، والامتناع من الصدقة على المحرومين، التي هي من أعظم حقوق الله وحقوق العباد.

وإلى هذه القصة المليئة بالعبر، لمن تقدم أو تأخر، يشير قوله تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ}، أي: اختبرناهم، {كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ}، أي: أصحاب الضيعة، {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ}، أي: حلفوا أن يقطعوا ثمارها صبيحة الغد، ويستأثروا بها وحدهم، دون أن يقولوا: " إن شاء الله "،

<<  <  ج: ص:  >  >>