للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَانُوا يُوعَدُونَ}، ومعنى " يوفضون " يسرعون، و " النصب " ما نصب للإنسان من علم أو بناء أو صنم، فهو يقصده مسرعا إليه.

ومن هنا ننتقل إلى سورة " نوح " المكية أيضا، وفي بدايتها يتحدث كتاب الله عن الرسالة الأولى التي كلف الله بها رسوله نوحا عليه السلام، وما دعاهم إليه من عبادة الله وتقواه، وما حضهم عليه من طاعة الله ورسوله لنيل غفرانه ورضاه، وما حذرهم منه من حلول الأجل وهم غافلون، وحلول النقمة وهم مستكبرون، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى: {بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، ففي هذه الآية يؤكد كتاب الله لرسوله والمؤمنين والناس أجمعين، أن مصدر الرسالة، ومنبعها الأول والأخير، كان ولا يزال في جميع العهود، وبالنسبة لجميع الأنبياء والرسل، من عهد نوح عليه السلام إلى عهد سيدنا محمد خاتم النبيئين والمرسلين، هو الله تعالى خالق الخلق ومصدر الوجود، فهو الذي خلق الخلق وأرسل إليهم الرسل، لهدايتهم إلى سواء السبيل، وهو الذي كلف رسله جميعا بالدعوة إلى عبادة الله وتقواه، وإلى طاعة رسله فيما يبلغونه عن الله: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ}، لكن قوم نوح لم تزدهم دعوة رسولهم إلا عنادا واستكبارا، ولم يزدهم إلحاحه على هدايتهم، وحرصه على إنقاذهم، إلا نفورا منه وفرارا، وأصروا

<<  <  ج: ص:  >  >>