للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليس إلا مخلوقا من صنع الله وإبداعه، وهو سبحانه الذي انفرد بإنشائه سلالة ونوعا وأفرادا، منذ ظهر على وجه الأرض إلى يوم الدين: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ} (الكهف: ٥١).

ثم بين كتاب الله لماذا يميل ضعاف النفوس إلى عدم الإيمان بالبعث والنشأة الآخرة، موضحا أن السبب في ذلك هو ما يطغى عليهم من الشهوات واللذات، وما يغرقون فيه من أنواع الفسق والفجور، وما يحرصون عليه من تفادي كل ما ينغص عليهم هذا النوع التافه من " العيش البهيمي " الذي ألفوه ولا يستطيعون عنه انفكاكا، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى: {بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ}، قال مجاهد: " ليفجر أمامه " أي: ليمضي أمامه راكبا رأسه.

ووضح كتاب الله نفسية ضعاف النفوس الفجرة، وإصرارهم على ما هم فيه من فسق وفجور، ومحاولتهم بكل الوسائل لدفع " شبح " البعث والنشأة الآخرة عن خيالهم المريض، وذلك بتكذيبهم لوجوده حينا، واستبعادهم لوقوعه حينا آخر، وإلى هذا المعنى يشير قوله تعالى: {يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ}، أي: يسأل ذلك الإنسان عنه سؤال استبعاد لوقوعه، حتى لا يقض مضجعه، ولا ينغص عيشه، لأنه يرغب في أن يفجر، وأن يمضي في فجوره باستمرار، دون مكدر ولا معقب، لكن الإنسان المكذب بالبعث، المستبعد لوقوعه، حرصا على الاستمتاع بشهواته دون حساب، لا يلبث أن يفاجأ بالحقيقة المرة، عندما يرى أن القيامة قد قامت، وأن ساعة

<<  <  ج: ص:  >  >>