للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرسل واستفسارهم عامة، واستفسار عيسى ابن مريم خاصة عقب على ذلك بما يعتبره خلاصة الموقف والحكم النهائي، قائلا: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ومعنى ذلك أن يوم القيامة يوم مجموع له الناس، تجمع فيه كافة الخلائق، وتنكشف فيه كل الحقائق، فلا مكان فيه للتدجيل والتضليل، ولا مجال فيه للتزييف والتحريف، والفوز فيه إنما هو لمن صدق الله، والتزم طاعته ورضاه.

ومن هنا ننتقل إلى (سورة الأنعام) وهي في طليعة سور القرآن الكريم التي نزلت بمكة قبل الهجرة، بل إن ما نزل من القرآن بمكة متأخرا عنها يعتبر مبنيا عليها في نظر المحققين من علماء الشريعة، نظير (سورة البقرة) التي يعتبر ما نزل من القرآن الكريم بالمدينة بعدها مبنيا عليها أيضا.

وكما أن "سورة البقرة" هي الركيزة الأولى للشريعة الإسلامية، فإن "سورة الأنعام" هي الركيزة الأولى للعقيده الإسلامية، ومنها استخراج العلماء قواعد التوحيد وأصول الدين، على حد ما قاله الشاطبي في "الموافقات".

وقد أطلق عليها اسم سورة (الأنعام) والله أعلم، لما ورد فيها من الآيات الكريمة التي تحدد موقف الإسلام من الأنعام، وتندد بموقف الشرك والمشركين منها، وذلك مثل قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>