للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذه الآيات تشير في جملتها إلى أن المشركين لسخافة عقولهم كانوا قد خصصوا من الحرث نصيبا لله، كما خصصوا منه للأوثان نصيبا، بحيث إذا حرثوا حرثا جعلوا منه لله جزءا وللوثن جزءا، غير أن نصيب الأوثان هو الذي كان يحظى عندهم بالأسبقية، بحيث إذا ضاع منه شيء عوضوه من النصيب الذي ينسبونه لله، وهكذا أساؤوا في مبدأ القسم أولا، لأن الحق سبحانه وتعالى غني عن خلقه، فهو مالك الملك والملكوت، ثم جاروا في قسمتهم الفاسدة ثانيا، إذ غلبوا جانب الأوثان، على جانب ما ينسبونه للرحمان، كما أن المشركين حرموا على أنفسهم عددا من الأنعام، ولا سيما البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، فجعلوها للأوثان، وزعموا أنهم بعملهم هذا إنما يتقربون إلى الله زلفى، افتراءا عليه سبحانه في البداية والنهاية، وذلك قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}.

ومن سخافات المشركين وافتراءاتهم على الله تقسيمهم للأنعام التي بأيديهم إلى عدة أقسام، فمنها ما يباح أكله وما لا يباح، ومنها ما يباح أكله للذكور دون الإناث، حتى إذا كان ميتة أكل منه الجميع، ومنها ما يباح الركوب عليه وما لا يباح، ومنها ما يجمع عند ذبحه بين ذكر الله وذكر الصنم، وما يقتصر فيه عند الذبح على ذكر الصنم وحده دون ذكر الله، وذلك ما حكاه عنهم كتاب الله، مستخفا بعقولهم، مستنكرا لمزاعمهم، حيث قال: {وَقَالُوا هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>