للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكى عنه كتاب الله قائلا: {إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا}.

ثم هددهم بعقاب صارم هو عقاب الصلب بعد قطع الأيدي والأرجل، فقال مخاطبا لهم {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} قال القاضي أبو بكر " ابن العربي ": " هذا يدل على أن الصلب وقطع اليد والرجل من خلاف عقوبة متأصلة عند الخلق، تلقفوها من شرع متقدم، فحرفوها، حتى أوضحها الله في ملة الإسلام، وجعلها أعظم العقوبات لأعظم الأجرام، يعني جريمة " الحرابة " وهي جريمة العبث بالأمن العام، والمساس بأمن الدولة الداخلي، التي عالجها كتاب الله في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.

غير أن سحرة فرعون الذين خالطت بشاشة الإيمان قلوبهم وأدركوا البون الشاسع بين ما كانوا عليه من معتقدات الشرك والوثنية، وعقيدة الإيمان والتوحيد التي تلقوها عن موسى غضة طرية، لم يفت في عضدهم تهديد ولا وعيد، ولا صلب ولا تشريد فأعلنوها صيحة مدوية، أمام فرعون الطاغية {قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا} كأنهم يلوحون بذلك إلى بطلان التهمة المزورة التي اتهمهم بها زورا وبهتانا، لمجرد القضاء عليهم، والتخلص منهم، باسم حماية الدولة من المتآمرين عليها والكائدين لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>