للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خصوم النبوات والرسالات، وذلك قوله تعالى: {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} ولا يفهمن أحدا من هذه الآية أن الله يعذب من يشاء من عباده دون مبرر للعذاب، فإرادة الله المطلقة إرادة حكيمة، ومشيئته الحرة من كل قيد مشيئة عادلة، بمقتضى قوله تعالى: {وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}، وقوله تعالى في آية أخرى {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} وأخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله عز وجل مائة رحمة، فمنها رحمة يتراحم بها الخلق، وبها تعطف الوحوش على أولادها، وأخر تسعة وتسعين إلى يوم القيامة}.

ثم نبه كتاب الله إلى أن هناك رحمة خاصة زائدة على الرحمة العامة التي تشمل البر والفاجر، والمؤمن والكافر، والنبات والحيوان، وجميع المخلوقات المنتشرة في الأكوان، وهذه الرحمة الخاصة اقتضت حكمته واستوجب عدله أن تكون قاصرة على خير أمة أخرجت للناس، متى حافظت على خيريتها ولم تتنازل عن هويتها، وذلك ما وعدها به الحق سبحانه وتعالى وعد حق وصدق إذ قال تعالى: {فَسَأَكْتُبُهَا} أي الرحمة الخاصة، وتندرج تحتها عدة نعم جليلة ودقيقة، في الدنيا والآخرة: {لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>