للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يا رسول الله أم من عند الله؟ فقال: " لا بل من عند الله ". وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر، حتى يعرف ذلك منه، فلما جلست بين يديه قلت يا رسول الله: " إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله ". فقال عليه السلام: " أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك ". فقلت يا رسول الله: " إنما نجاني الله بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت، والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن يحفظني الله عز وجل فيما بقي ".

فهذه هي قصة " الثلاثة الذي خلفوا " كما حكاها كعب بن مالك أحد الثلاثة، ورواها البخاري ومسلم في الصحيحين وغيرهما من أئمة الحديث، وهي أحسن تفسير لقوله تعالى في هذه السورة {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} أي خلفوا عن بقية المعتذرين الذين حلفوا واعتذروا، لأن هؤلاء الثلاثة فضلوا الصدق على الحلف، فلم يحلفوا ولم يعتذروا وصدقوا الله ورسوله، وقضوا خمسين ليلة مهجورين من الرسول والمؤمنين وهم صابرون ينتظرون فرج الله، وعفوه عنهم، وقبول توبتهم، إلى أن نزل بقبول توبتهم الوحي من عند الله {حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} أي مع سعتها {وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ} والظن هنا بمعنى اليقين {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}. قال القاضي أبو بكر " ابن العربي ": " وفيه دليل على أن للإمام أن يعاقب

<<  <  ج: ص:  >  >>