للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوم نوح هي التي يشير إليها قوله تعالى هنا: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} أي واتبعوك دون بحث ولا نظر، بل لأول وهلة {وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ} أي لا ميزة تميزكم علينا بسبب الدين الذي اعتنقتموه، فأنتم لا زلتم كما كنتم لا تفضلوننا بشيء {بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} أي نعتقدكم كاذبين، والظن هنا بمعنى اليقين.

وحكى كتاب الله ما رد به نوح على قومه، وأنه إذا عميت عليهم حجة الله التي آتاه الله إياها، ولم يقدروا رحمة الله التي أرسله بها، فانه لا يستطيع إكراههم عليها وإلزامهم بإتباعها، إذ المبدأ العام الذي ألزم الله بإتباعه جميع الأنبياء والمرسلين، هو أنه {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} وذلك ما يصرح به قوله تعالى هنا حكاية عن نوح مجيبا لقومه: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ}؟.

وواصل كتاب الله حكاية قصة نوح، فذكر ما رد به على استهزاء كبار قومه، الذين استهزأوا بأتباعه، وعيروهم بضعف الحال وقلة ذات اليد. وما دام الأمر في شأن الدعوة ليس أمر قوي وضعيف، وغني وفقير، وشريف ومشروف، وإنما هو أمر عقيدة واقتناع وإيمان، فإن من عرف الحق وتجلى له واضحا أقبل عليه واعتنقه، ومن عمي عنه أو تعامى استمر على الباطل والضلال -وهذا هو عين ما وقع لضعفاء قوم نوح، حيث رأوا

<<  <  ج: ص:  >  >>