للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور، لو كشفه لاحترقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه" فأثبت المصدر الذي اشتق منه اسمه (البصير)، وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها "الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات"، وفي حديث الإستخارة "اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك" فهو قادر بقدرة، وقال تعالى لموسى: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} فهو متكلم بكلام، وهو العظيم الذي له العظمة، كما في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - يقول الله تعالى: "العظمة إزاري، والكبرياء ردائي"، وهو الحكيم له الحكم {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} وأجمع المسلمون أنه لو حلف بحياة الله أو سمعه أو بصره، أو قوته أو عزته، أو عظمته إنعقدت يمينه، وكانت مكفرة لأن هذه صفات كماله التي انشقت منها أسماؤه ..

لو لم تكن أسماؤه مشتملة على معان وصفات لم يسع أن يخبر عنه بأفعالها، فلا يقال: يسمع ويرى ويعلم ويقدر ويريد، فإن ثبوت أحكام الصفات فرع ثبوتها، فإذا انتفى أصل الصفة إستحال ثبوت حكمها ..

روي عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله عز وجل {الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} قال: يكذبون عليه، وهذا تفسير بالمعنى، وحقيقة الإلحاد فيها: العدول عن الصواب، وإدخال ما ليس من معانيها عليها، وإخراج حقائق معانيها عنها، هذا حقيقة الإلحاد، ومن فعل ذلك فقد كذب على الله، ففسر ابن عباس الإلحاد بالكذب، وهو غاية الملحد، في أسمائه تعالى، فإنه إذا أدخل في معانيها ما ليس منها، وخرج بها عن حقائقها أو بعضها، فقد عدل بها عن الصواب والحق، وهو حقيقة الإلحاد، فالإلحاد: إما بجحودها وإنكارها وإما بجحد معانيها وتعطيلها، وإما بتحريفها عن الصواب وإخراجها عن الحق بالتأويلات الباطلة.

الأصل الثاني: إن الإسم من أسمائه تبارك وتعالى كما يدل على الذات والصفة التي اشتق منها بالمطابقة، فإنه يدل دلالتين أخريين بالتضمن واللزوم، فيدل على الصفة بمفردها بالتضمن، وكذلك على الذات المجردة عن

<<  <   >  >>