للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تنزيه الله جل جلاله]

إنه ليس بجسم مصور، ولا جوهر محدود مقدر، وأنه لا يماثل الأجسام، لا في التقدير، ولا في قبول الانقسام وأنه ليس بجوهر.

ولا تحله الجواهر ولا بعرض، ولا تحله الأعراض، بل لا يماثل موجودا، ولا يماثله موجود، ليس كمثله شيء ولا هو مثل شيء وانه لا يحده المقدار، ولا تحويه الأقطار، ولا تحيط به الجهات، ولا تكتنفه الأرضون والسماوات.

وأنه استوى على العرش على الوجه الذي قاله، وبالمعنى الذي أراده، استواء منزها عن المماسة والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال، لا يحمله العرش بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته، ومقهورون في قبضته وهو فوق العرش، وفوق كل شيء إلى تخوم الثرى فوقية لا تزيده قربا إلى العرش والسماء، بل هو رفيع الدرجات عن العرش، كما أنه رفيع الدرجات عن الثرى وهو مع ذلك قريب من كل موجود، وهو أقرب إلى العبد من حبل الوريد، وهو على كل شيء شهيد، إذ لا يماثل قربه قرب الأجسام، كما لا تماثل ذاته ذات الأجسام وأنه لا يحل في شيء، ولا يحل فيه شيء تعالى عن أن يحويه مكان. كما تقدس عن أن يحده زمان. بل كان قبل أن يخلق الزمان والمكان. وهو الآن على ما عليه كان. وانه بائن من خلقه بصفاته، وليس في ذاته سواه، ولا في سواه ذاته ..

وأنه مقدس عن التغيير والانتقال، لا تحله الحوادث ولا تعترضه العوارض، بل لا يزال في نعوت جلاله منزها عن الزوال، وفي صفة كماله مستغنيا عن زيادة الاستكمال ... وانه في ذاته معلوم الوجود بالعقول، مرئي الذات بالابصار، نعمة منه ولطفا بالابرار في دار القرار، وإتماما للنعيم بالنظر إلى وجهه الكريم.

القدرة: وأنه حي قادر، جبار قهار، لا يعتريه قصور ولا عجز، ولا تأخذه سنة ولا نوم، ولا يعارضه فناء ولا موت، وأنه ذو الملك

<<  <   >  >>