للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والملكوت، والعزة والجبروت، له السلطان والقهر، والخلق والأمر، السماوات مطويات بيمينه، والخلائق مقهورون في قبضته.

وأنه المتفرد بالخلق والاختراع، المتوحد بالإيجاد والإبداع خلق الخلق وأعمالهم، وقدر أرزاقهم وآجالهم، لا يشذ عن قبضته مقدور، ولا يعزب عن قدرته تصاريف الأمور، ولا تحصى مقدوراته، ولا تتتاهى معلوماته.

العلم: وأنه عالم بجميع المعلومات. محيط علمه بما يجري في تخوم الأرضين إلى أعلى السماوات لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، بل يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، ويدرك حركة الذر في جوف الهواء، ويعلم السر وأخفى، ويطلع على هواجس الضمائر، وحركات الخواطر وخفيات السرائر يعلم بعلم قديم أزلي، لم يزل موصوفا في آزال الآزال لا بعلم متجرد حاصل في ذاته بالحلول والانتقال ...

الإرادة: وأنه مريد للكائنات، مدبر للحادثات، لا يجري في الملك والملكوت قليل أو كثير، صغير أو كبير، خير أو شر، نفع أو ضر، عرفان أو نكر، فوز أو خسر، زيادة أو نقص، طاعة أو عصيان، كفر أو إيمان، إلا بقضائه وتقديره، وحكمه ومشيئته، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، لا يخرج عن مشيئته لفتة ناضر، ولا فلتة خاطر، بل هو المبديء المعيد، الفعال لما يريد، لا راد لحكمه، ولا معقب لقضائه، ولا مهرب لعبد من معصيته، إلا بتوفيقه ورحمته ولا قوة على طاعته إلا بمحبته وإرادته، لو اجتمع الإنس والجن، والملائكة والشياطين على أن يحركوا في العالم ذرة أو يسكنوها دون إرادته لعجزوا عنه.

وأن إرادته قائمة بذاته، في جملة صفاته، لم يزل كذلك موصوفا بها، مريدا في أزله لوجود الأشياء في أوقاتها التي قدرها، فوجدت في أوقاتها، كما أراده في أزله من غير تقدم ولا تأخر، بل وقعت على وفق علمه وإرادته من غير تبديل ولا تغيير، دبر الأمور لا بترتيب أفكار وتربص زمان، فلذلك لم يشغله شأن عن شأن:

<<  <   >  >>