للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن نصر الله للمؤمنين له أسباب ثلاثة: الصفة الأولى أن ينفي المسلمون العجز والقصور عن أنفسهم.

الصفة الثانية: أن يكونوا أقوياء بمعنوياتهم أمام الأعداء، ويتركوا الضعف والخور والخشية منهم.

الصفة الثالثة: أن يتركوا الإستكانة التي تزحف على أنفسهم فتنهار أرواحهم من الهلع فيجب أن يبعدوها عن أنفسهم قال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (سورة آل عمران) وخير الله الإنسان بين محبته، ومحبة غيره من مباهج الدنيا فقال: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (سورة التوبة).

جعل الله سبحانه وتعالى مباهج الدنيا في كفة وحب الله ورسوله وجهاد في سبيله في كفة أخرى، والإنسان يختار ما بين هذا وذلك، فإن اختار المباهج قال: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} فيه تهديد ووعيد شديدان، وإن اختار حب الله ورسوله وجهاد في سبيله على مباهج الدنيا وزينتها فذلك المؤمن حقا ...

المؤمن هو الذي أدرك جمال الله وجلاله، واستشعر لطفه وإحسانه، وعلم علم اليقين أنه هو المنعم عليه ثم تأثر بهذا الإدراك فأحبه، فأصبح قلبه مشغولا به، وعمله موجه إليه، فلذته وارتياحه في طاعة الله وعدم مخالفة أوامره، يتحمل في ذلك ما يتحمل راضيا مغتبطا قرير العين، مطمئن القلب ...

فحب العبد لله هو إيمان حق، ولا يكون بمجرد المعرفة وإذعان

<<  <   >  >>