للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم دخل المنهج مدخلا آخر حين تطورت الإنسانية واتسعت مداركها بعض الشيء، فكان إلى جانب الدعوة إلى الله إلفات إلى الوجود المادي ليستدل به على النظام الممسك به من غير عظمة الخالق وقدرته كذلك صحب هذه الرحلة من دعوات الرسل معجزات غير انتقامية يراد بها تأييد الرسول وتزكية دعوته بأنه رسول من رب العالمين. فحين يرى الناس المعجزة يرون معها ما لا يمكن لبشر أن يأتي به. وذلك عمل يحتاج إلى وعي وإدراك لا يبلغه المرء إلا بعد أن يجاوز مرحلة الصبا، ويشرف على مرحلة الرجولة أو يبلغها ...

ونعود لنقرر مرة أخرى أن في هذا المنهج الذي احتوته دعوات الرسل، والذي نقله إلينا القرآن الكريم دليلا قائما على أن القرآن منزل من عند الله، وذلك لما اشتمل عليه هذا المنهج من مسايرة لتطور الإنسانية ومواءمة لوعيها وإدراكها، ولو كان هذا القرآن من عند غير الله لما كان فيه هذا الضبط الدقيق، وتلك اليقظة الواعية لسير الحياة، ورصد حركات العقول فيها ولو وقع- على أقل تقدير- في هذا المنهج، بعض الخلل في ترابطه وتماسكه، ولكننا إزاء منهج متماسك أقوى ما يكون التماسك سواء في وحداته، وعناصرها، أم في تدرج هذه الوحدات واحدة بعد أخرى- تدرج الكائن الحي نحو النضج والكمال، فإلى جانب الأدلة الكثيرة على إعجاز القرآن وصدق الرسول يمكن أن يضاف هذا الدليل إليها، ويحسب في حسابها ...

<<  <   >  >>