للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قبره، كحديث صاحب الشملة التي غلها ثم استشهد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده أن الشملة التي عليه لتشتعل عليه نارا في قبره". ومنهم من يكون مقره باب الجنة كما في حديث ابن عباس: "الشهداء على بارق نهر باب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة غدوة وعشيا" (١) رواه أحمد. وهذا بخلاف جعفر ابن أبي طالب رضي الله عنه حيث أبدله الله من يديه بجناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء (٢)، ومنهم من يكون محبوسا في الأرض لم تعل روحه إلى الملإ الأعلى، إنها كانت روحا سفلية، ومنها أرواح في تنور الزناة والزواني، وأرواح في نهر الدم تسبح فيه، وتلقم الحجارة فليس للأرواح سعيدها وشقيها مستقر واحد، بل روح في أعلى عليين وروح أرضية سفلية لا تصعد عن الأرض.

[كل شيء هالك إلا وجهه]

جاء في شرح الطحاوية: (إذا كانت الملائكة تموت فالنفوس البشرية أولى بالموت، وقال آخرون: لا تموت الأرواح، فإنما خلقت للبقاء، وإنما تموت الأبدان وقد دلت على ذلك الأحاديث الدالة على نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله في أجسادها والصحيح موت النفس هي مفارقتها لأجسادها وخروجها منها، فإذا أريد بموتها هذا القدر، فهي دائقة الموت، وإن أريد أنها تعدم وتفنى فهي لا تموت وعلى هذا الإعتبار فهي باقية بعد قبضها في نعيم أو عذاب وأجمعت الرسل عليهم السلام أنها محدثة مخلوقة، وهذا معلوم بالضرورة من الدين أن العالم حادث وأن معاد الأبدان واقع وأن الله وحده هو الخالق، وكل ما سواه مخلوق له، وقد انطوى عصر الصحابة والتابعين وتابعيهم، وهي القرون المفضلة في الإسلام، على أن الروح مخلوقة من غير خلاف بينهم، حتى ظهر بعض من قصر فهمه عن الكتاب والسنة فزعم أنها قديمة غير مخلوقة.


(١) أخرجه أحمد في مسنده- الطبراني- الحاكم- عن ابن عباس- حسن-
(٢) أخرجه الحاكم. وذكره ابن حجر في الفتح عن الحاكم والطبراني وجود إسناده وله شاهد من حديث أبي هريرة عن الترميذي والحاكم وفي إسناده ضعيف- وله شواهد أخرى عن أبي سعد يصح بها الحديث.

<<  <   >  >>