للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وباطنه وقلبه، يجاهد في سبيل الله بسيفه، وقلمه، ولسانه، لإعلاء كلمة الله، وينفق في الخير ماله ابتغاء وجه ربه الأعلى أن يعمل لله، أو يتكلم بالحق وإن أضر نفسه فعال منفاق مصداق ..

المسلمون في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، كلمتهم واحدة، ومهمتهم واحدة، وجهادهم لله وقتالهم في سبيل الله، من افتقر أعانوه، ومن حضر عدوه، ومن غاب افتقدوه، ومن مات شيعوه، ومن مرض عادوه، وبالدين الصحيح تكون سعادة المسلمين، وحين تفرقوا شيعا وأحزابا، واختلفوا مذاهب ونحلا، وتبينوا أهواء وسبلا، وملأوا المجالس جدلا ذهب سلطانهم، وضعف كيانهم، وصغر شأنهم، وتداعت عليهم الأمم، وكذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ...

اليوم الذي تخلى فيه العالم الإسلامي عن الدين والأخلاق تخلت عنه السعادة، وتاهت به الحياة في مجال القلق ومتاهات الحيرة، ومجالات الشك والإضطراب.

الفقر الحقيقي ليس هو فقر المال ولا الأوراق، وإنما هو فقر الكرامة والأخلاق، فقر الإنسانية، فقر الصفات والشمائل والمحامد والعلم.

أزمة المسلمين ليست أزمة الإقتصاد والسياسة والمال، الأزمة في الواقع أزمة الرجال، أزمة الضمير، أزمة الخلق، أزمة الدين، أزمة الوعي والنضج والرشد، أزمة الأخلاق، أزمة العقيدة، أزمة المثل العليا، أزمة المبادي والقيم، والمعالي والمفاهيم، أزمة الأمانة والواجب والتضحية، أزمة الضمير والإيمان، فهذه الأزمات كلها ناشئة عن عدم اهتمام المسلمين بأمور الدين وجهلهم به ..

الإسلام جاء ليجمع القلب إلى القلب ويضم الصف الى الصف، جاء ليكون مجتمعا راقيا نقيا من عوامل الفرقة والضعف المعنوي والمادي، وأسباب الفشل والهزيمة حتى يصل الى المقاصد السامية، والأهداف النبيلة، التي جاءت بها رسالة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - من عبادة لله، وإعلاء

<<  <   >  >>