للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بكل ما يملك من قوة فما يطيق صبرا ولا سكوتا إلى أن يتم له تحقيق ما اشتملت عليه ذلك تأويل أن الاسلام عقيدة ثورية.

الذين يؤمنون بالله حق الإيمان هم الذين يجاهدون في الله حق جهاده لتكون كلمة الله العليا، وكلمة الله لا تتحقق إلى أن يرفع البغي عن هذه الأرض فيصبح الناس سواسية كأسنان المشط.

الإسلام يهاجم الظلم والظالمين دائما من أي كان، وفي كل مكان وزمان. بخلاف المباديء الوضعية لا تستطيع أن تكافح المظالم بجميع أنواعها كما يكافحها الإسلام، أو تقف بجانب المظلوم كما يقف الإسلام، ولا يمكن لهذه المباديء الوضعية أن تصرخ في وجوه الطغاة والمتجبرين كما يصرخ الاسلام.

إن الإسلام في صميمه حركة تحريرية تبدأ في ضمير الفرد وتنتهي في محيط الجماعة، ولا يدخل الإسلام قلب أحد ثم يدعه مستسلما خاضعا لسلطان الأرض. فإذا رأيت المظالم تقع، وإذا سمعت المظلومين يصرخون، ثم لم تجد المسلمين حاضرين لدفع الظلم وتحطيم الظالم فلك أن تشك مباشرة في وجودهم، لا يمكن أن تحمل القلوب الإسلام عقيدة، ثم ترضى بالظلم نظاما ينبغي أن يكون إسلام أو لا إسلام.

الإسلام كفاح لا يهدأ، وجهاد لا ينقطع، واستشهاد في سبيل الحق والعدل والمساواة، أو لا إسلام فهو مهمهة بالأدعية، وطقطقة بالمسابيح، وتمتمة بالتعاويذ، واتكال على أن تمطر السماء على الأرض صلاحا وحرية وعدلا، وما كان الله لينصر قوما لا ينصرون أنفسهم ...

وإذا كان الإسلام هو الدين الذي اختاره الله لعباده بقوله عز وجل {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (سورة آل عمران) هذا الدين المختار وقد بدأ بالتوحيد، وانتهى به، والتوحيد هو التسليم المطلق لله، والتفويض التام له سبحانه وتعالى.

<<  <   >  >>