للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠].

وكذلك ساوى تعالى بين ذِكْرِهِ بنفسهِ وذِكْرِهِ بأسمائِهِ، فقالَ: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} [الأعراف: ٢٠٥] وقالَ: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الإنسان: ٢٥].

وهذا التَّسبيحُ والدُّعاءُ والذِّكْرُ إنْ كانَ يَقَعُ لمَخلوقٍ كان كُفْراً بالله.

فإنْ قيلَ: إنَّ كلامَه تعالى مَخلوقٌ، كانتْ أسماؤُهُ داخِلةً في ذلكَ، ومَنْ زعَمَ ذلك فقَدْ كَفَرَ لِما ذكرنا، ولأنَّ معنى ذلكَ أنَّ الله تعالى لم تكن لَه الأسماءُ الحُسنى قبل خَلْقِ كلامهِ، ولَكانَ الحالفُ باسْم من أسمائِهِ مُشْرِكاً لأنه حلَفَ بمَخلوقٍ، والمَخلوقُ غيرُ الخالقِ، وقد قالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن حَلَفَ بغير الله فقد أشركَ" (٤٧).

وبهذه الحُجَّةِ احتجَّ جماعةٌ من السَّلفِ والأئمَّةِ على كَوْنِ القرآنِ غيرَ مخلوقٍ، منهم:

١) الإِمام الحُجَّة سُفيان بن سَعيد الثوريّ.

قال: "مَنْ قالَ: إنَّ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ} مخلوقٌ، فهو


(٤٧) حديث صحيح.
أخرجه أحمد رقم (٤٩٠٤، ٦٠٧٢) وأبو داود رقم (٣٢٥١) والترمذي رقم (١٥٣٥) وابن حِبّان رقم (١١٧٧ - موارد) والحاكم ١/ ١٨ و ٤/ ٢٩٧ وآخرون من حديث عبد الله بن عمر به.
قلت: وإسناده صحيح، وقد حسّنه الترمذي، وصححه الحاكم وأقرَّه الذهبي. وقد شرحت ذلك في موضع آخر.

<<  <   >  >>