للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السابق، وأظهَرْنا زيفَهم فيه.

فهذه نصوصُ بعض مُحَقِّقي الأشعريَّة، وهي أبْيَنُ مِنْ أنْ تُشْرَحَ، وأصرَحُ مِنْ أنْ تُوَضَّحَ، مُصَرِّحَةً بخَلْق هذا القرآنِ العربيّ الذي يقول الله تعالى فيه: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ} [يونس: ٣٧] والذي تحدَّى الخلقَ أنْ يأتوا بسورة مثله، فوافَقوا الجهميةَ في قولِهم، ونَبذوا مذهبَ السَّلفِ وأهْلِ السُّنَّةِ واعتقادَهم وَراء ظُهورهم، وكابَروا، فتظاهَروا بالرَّدِّ على الجَهمية، والانتسابِ لأهْل السُّنَّةِ، وسأذكرُ لك قريبًا مقالةَ أحَدِ فُحولهم في أنهم موافقونَ للمعتزلةِ في هذه القضية، تُنْبِيكَ عن بَراءتهم من اعتقادِ أهلِ السُّنَّةِ من السَّلَف والأئمَّة في مسألة كلام الله تعالى.

ولقد أبطلتُ قولَ هؤلاء اللَّفظية في الباب السابق، بما فيه غُنْيَةٌ إنْ شاءَ الله.

وأقولُ هُنا إلزامًا وإفحامًا: لقد صرَّحْتُم -معشرَ الأشعرية- في غير موضعٍ من كُتُبِكم في صَدَدِ الرَّدِّ على المُعتزلة، بأنَّ كلامَ الله لوكانَ مخلوقًا لكانَ مخلوقًا في مَحَلٍّ، ولَكانَ صفةً لذلك المَحَلِّ الذي خُلِقَ فيه، لا صفةً لله تعالى.

وقولُكُم هذا صَوابٌ ومعقولٌ موافقٌ للمنقولِ، فإنَّه إذا خَلَقَ الله تعالى حركةً أو وَصْفًا في مَحَلٍّ كانَ ذلك المَحَلُّ هو المتحرّكَ الموصوفَ بذلك الوَصْفِ، لا الخالقُ تعالى، فإنَّه لا يوصَفُ بخَلْقهِ، فكلامُه تعالى المضاف إليه صفتهُ، فإن قيلَ: مخلوقةٌ، وجَبَ أن تكونَ قائمةً بمخلوقٍ لا بالله تعالى، وأنتم تُقرّون بهذا، فإذا كانت قائمةً بمخلوقٍ لم تَجُز إضافتُها لله

<<  <   >  >>