للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث السادس: عقيدة المؤلف من خلال تفسيره]

تتجلَّى عقيدة الجرجاني من ناحيتين:

الناحية الأولى: حكم أعلام العلماء على عقيدته حيث ذكروا وحدَّدوا عقيدته فقال الذهبي: "كان أشعريًا" (١)، وكذا قال القفطي (٢) وغيرهما.

الناحية الثانية: مؤلفات الجرجاني عامتها تشير إلى ذلك، سيما عند تعرُّضه لآيات الصفات سواء في كتابنا هذا الذي تتجلى فيه أشعرية المؤلف بشكل واضح أو من خلال بعض كتبه كـ "أسرار البلاغة" و"الإعجاز". والذي يهمّنا هو الكتاب الذي بين أيدينا، فلعلنا نستعرض بعض الشواهد من كتابه هذا لنحدَّد به منهج المؤلف العقدي، فمنها على سبيل المثال:

أولًا: في قوله تعالى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} قال: يجازيهم على استهزائهم، وهذا تفسير الأشاعرة الذين ينفون صفة الاستهزاء بالكافرين عن الله، فيصرفون ظاهر اللفظ عن معناه الأصلي الذي خاطبنا الله به، ولذلك ردَّ إمام المفسِّرين ابن جرير الطبري هذا التأويل الذي ذهب إليه المؤلف وتبعه في ذلك ابن كثير وغيرهما. وإن ما ذهب إليه المؤلف مخالف لكلام العرب، يقول الحافظ الطبري: "إن معنى الاستهزاء في كلام العرب إظهار المستهزىء للمستهزأ به من القول والفعل ما يرضيه ويوافقه ظاهرًا" (٣).

ثانيًا: صفة الاستواء في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ...} فقد ذهب مذهب الأشاعرة في تفسيره لها فقال: إنها بمعنى عمد وقصد. بينما يرى إمام المفسَّرين محمد بن جرير الطبري أنها بمعنى


(١) سير أعلام النبلاء (١٨/ ٤٣٢).
(٢) إنباه الرواة (٢/ ١٨٩).
(٣) تفسير الطبري (١/ ٣١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>