للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والألبسة الحسنة في الجُمَع والأعياد مأخوذًا منها على وجه الاستحباب، وكان المشركون قد سول لهَم الشيطان أن لا يطوفوا في ثياب يبتذلون فيها ويقولوا: لا نطوف (١) في ثوب عصينا الله فيه، فالغني منهم قد أعدّ لطوافه ثوبًا والمتوسط كان يكتري والفقير كان يطوف عريانًا، وربما لا يكرون للمرأة الحسناء ثوبًا لتطوف (٢) عريانة فينظروا إلى عورتها حتى طافت واحدة وقالت:

اليوم يبدو (٣) بعضه أو كله ... فما بدا منه فلا أحله (٤)

فبيّن الله أنه من تسويل الشيطان، وأنه فاحشة كحكم البحيرة والسائبة، فأمر بستر العورة واستحلال لحوم حرموها واستباحة ألبان حظروا عنها، ونهى عن مجاوزة الحدّ المعتاد في الأكل والشرب واللبس حتى يصير شهرة في الناس.

{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} ما كان الكفار يحرمونه على أنفسهم مما (٥) سبق ذكره (٦) وكانت الحمس إذا أحرمت لم يتدسم بلحم ولا سمن ولا أقط فنفى الله تعالى أن يكون ذلك حكمه (٧).

{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ} أحكامهم وشرائعهم المبتدعة {وَالْإِثْمَ} ما اعترفوا بأنه منكر، وقيل: هو الخمر. قال الشاعر (٨):

شربت الإثم حتى ضلّ عقلي ... كذاك (٩) الإثم يذهبُ بالعقول


(١) في "أ" والأصل: (نطرف).
(٢) من قوله (والمتوسط) إلى قوله (ثوبًا) ليست في "أ". وبدلها (ثوبًا فتطوف).
(٣) العبارة في المخطوطات مضطربة وأثبته من المصادر.
(٤) هذا ذكره مسلم في صحيحه (٣٠٢٨) وغيره.
(٥) في "أ" "ي": (ما).
(٦) في سورة "البقرة" مما تقدم ذكره.
(٧) في الأصل: (حكم).
(٨) البيت من الوافر وهو بلا نسبة في لسان العرب (٦/ ١٢) "إثم"، وتهذيب اللغة (١٥/ ١٦١)، وتاج العروس "إثم"، وفي البحر (٢/ ١٥٧)، والدر المصون (١/ ٤٧٩) وغيرهم.
(٩) المثبت من "ب": (كذاك) وفي البقية (كذلك)، والمصادر توافق "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>