للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشك. {أُولَئِكَ}: أهل هذه الصِّفة (١) {عَلَى هُدًى (٢) مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} المفلحون: النَّاجون السُّعداء الباقون في الجنة. قال ابنُ عباس - رضي الله عنهما -: "هُمُ الذين وجدوا ما طلبوا ونَجَوا من شرِّ ما منه هربوا" (٣). وقيل: المُفلِح: الظافرُ ببغيته المُنْجِحُ بطلبته. وقيل: كلُّ مَنْ أصاب خيرًا فهو مُفْلِح. وقيل: الفَلاَح: البقاء (٤)، أُخذ من القطع. وقيل: أصلُهُ للقطعِ، من قولهم: الحديدُ بالحديد يَفْلح (٥). ويقال للأَكَّار والمُكَارِي فَلاَّحًا ثَمَّ أُخِذ منه البقاء.

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} نزلت في شأن شَيْبَة وعُتْبَة ابني ربيعة والوليد بن


(١) أهل هذه الصفة هم مؤمنو أهل الكتاب، وهو مرويٌّ عن ابن عباس - رضي الله عنه - وابن مسعود وأناس من الصحابة، واختاره ابن جرير الطبري وابن كثير وغيرهما، ويشهد له قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} وما ثبت في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري مرفوعًا: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين، رجل من أهل الكتاب آمن بنبيِّه وآمن بي ... " الحديث. [تفسير ابن كثير (٦٠١١)].
(٢) كتب في هامش النسخة "ي": (فإن قيل: أصل (على) للاستعلاء والهدى لا يُستعلى عليه، فكيف يصح معناها ههنا؟ قيل: معنى الاستعلاء حاصل لأن منزلتهم علت باتَّباع الهدى، ويجوز أن يقول: لما كانت أفعالهم كلها على مقتضى الهدى كان تصرفهم بالهدى كتصرف الراكب بما يركب) اهـ. [انظر: العكبري (١/ ١٤)].
(٣) ابن أبي حاتم (١/ ٣٩)؛ والطبري في تفسيره (١/ ٢٥٦)، وحَسَّنَ إسناده الشيخ حكمت بشير في تفسيره "التفسير الصحيح" (١/ ١٠٣).
(٤) مجيء الفلاح بمعنى البقاء معروف في كلام العرب، ومنه قول لبيد بن ربيعة:
لو أنَّ حَيًّا مُدْرِكُ الفَلاحِ ... أدركه مُلاَعِبُ الرَّمَاحِ
وملاعب الرماح: هو عمه عامر بن مالك.
وقول عبيد بن الأبرص:
أَفْلِحْ بما شِئْتَ فقد يُبْلَغُ بالـ ... ـضَّعْفِ وقد يُخْدَعُ الأَرِيبُ
[ديوان لبيد ٣٣٣؛ اللسان "لعب"؛ همع الهوامع (١/ ١٣٩)؛ شرح المعلقات للتبريزي ٥٤١؛ تفسير القرطبي (١/ ١٨٢)].
(٥) قوله "الحديد بالحديد يفلح" هو مَثَلٌ عربي، وورد في قول الشاعر:
وقد عَلِمَتْ خَيْلُكَ أني الصَّحْصَحُ .... إن الحديدَ بالحديدِ يُفْلِحُ
وقول بكر بن النطاح:
لا تَبْعَثَنَّ إلى ربيعةَ غيرها ... إنَّ الحديدَ بغيرهِ لايُفْلِحُ
[مجمع الأمثال (١/ ٨)؛ اللسان "فلح"].

<<  <  ج: ص:  >  >>