للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦ - {سَتُدْعَوْنَ:} قد سبق في سورة التوراة (١). قيل: المراد بالدعاء دعاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم النّاس إلى فتح مكة بعد غزوة خيبر، وإنّما يصحّ هذا التأويل بعد أن يكون المخلّفون عن الحديبية غير المخلّفين عن تبوك.

١٨ - {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ:} كان السّبب في بيعة الرّضوان.

{تَحْتَ الشَّجَرَةِ:} أنّ النّبيّ عليه السّلام خرج من المدينة يريد العمرة، وتجهّز معه ناس كثير من أصحابه، ومعهم هدي، فهم يسوقون الهدي معهم، فبلغ ذلك قريشا، فاستعدّوا ليصدّوه وأصحابه، وبعثوا خالد بن الوليد في عصابة لذلك، فلما بلغ النّبيّ عليه السّلام (٢٩٦ ظ) مسير خالد بن الوليد، أحبّ أن يأخذ طريقا لا يعلم به أحد من المشركين، فقال: أيّ رجل منكم يأخذ بنا نحو السّيف؛ لعلّنا نطوى مسلحة القوم؟ فقال رجل: أنا يا رسول الله، قال:

امض على بركة الله، فنزل الرّجل عن راحلته، فلمّا نزل لم يثق النّبيّ عليه السّلام بهدايته، ثمّ عاد فقال: أيّ رجل يأخذ بنا الطّريق نحو السّيف؛ لعلّنا نطوي مسلحة القوم؟ فقال رجل آخر:

أنا يا رسول الله، قال: امض على بركة الله (٢)، فمضى على راحلته، وطوى برسول الله خالدا وأصحابه، فلم تشعر بهم قريش حتى نزلوا الحديبية، ففزع المشركون لنزول النّبيّ عليه السّلام الحديبية فجأة، فاستعدوا ليصدّوه، فأراد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يبعث عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، فقال عمر: يا رسول الله، لو بعثت عثمان بن عفّان رضي الله عنه كانوا له أرقّ منهم لي، فبعث النّبيّ عليه السّلام عثمان، فسار إليهم، فتلقّاه أبان بن سعيد بن العاص، فأجاره، وحمله بين يديه على الفرس (٣)، فلم يقربه أحد بأذى، ثمّ إنّ قريشا بعثوا عروة بن مسعود إلى النّبيّ عليه السّلام وأصحابه ليأتيهم بالخبر، فلمّا أتاهم عروة أبصر قوما عمّارا لم يأتوا للقتال، فرجع إلى قريش، فقال لهم: لم أر قوما مثل قوم صدّوا هؤلاء عن الكعبة، فشتموه واتّهموه، ثمّ بعثوا بديل بن ورقاء الخزاعيّ ورباب بن الحليس أخا بني الحارث بن عبد مناة، فلمّا قدما قال: النّبيّ عليه السّلام لأصحابه: ابعثوا الهدي في وجوههما، ولبّوا، فلمّا فعلوا ذلك رجع بديل وصاحبه إلى قريش، فقالا لهم مثل مقالة عروة بن مسعود، فآذوهما واتّهموهما وشتموهما، ثمّ بعثوا سهيل بن عمرو، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند ما أبصر سهيلا: هذا رجل فاجر وما أرى (٤) إلا وقد سهّل


(١) لم أجد فيما لدي من مصادر تذكر سورة باسم سورة التوراة، وأظنه يعني بها سورة الاسراء. والآية المعنية بذلك هي الخامسة من السورة ذاتها. والله أعلم.
(٢) (على بركة الله)، ساقط من ك.
(٣) ساقطة من أ.
(٤) ع: ولا أدري.

<<  <  ج: ص:  >  >>