للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«والهاء للمبالغة عند الأخفش كالنّسّابة والعلاّمة» (١).

ولمّا تحدّث عن توجيه إعراب (يتربّصن) في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} [البقرة:٢٣٤] ذكر أنّ «(الذين) اسم مبتدأ، وقوله: {يَتَرَبَّصْنَ} لا يكون إخبارا عنه، والوجه أنّك إذا ابتدأت باسم ثمّ ذكرت اسما مضافا إلى الأوّل أو منه بسبب أجزأك أن تبقي الأوّل وتخبر عن هذا الثاني»، وبيّن بعده رأي الأخفش فقال: «قال الأخفش:

إنّما جاز أن يكون (يتربّصن) خبرا بتقدير ضمير عائد إلى المبتدأ تقديره: يتربّصن من بعدهم، والضمير في (يتربّصن) عائد إلى قوله: {أَزْواجاً»} (٢).

[ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم الدينوري (ت ٢٧٦ هـ‍)]

نقل عنه المؤلّف كثيرا من الآراء في اللّغة والتّفسير، منها ما ذكره حين تحدّث عن معاني (الحنف) في أثناء كلامه على قوله تعالى: {قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً} [البقرة:١٣٥] إذ قال: «والحنف: الاستقامة في قول القتبيّ، قال: سمّي الأعرج أحنف تفاؤلا كما سمّي الفلاة مفازة واللّديغ سليما» (٣).

وحين تكلّم على قوله تعالى: {قُولُوا آمَنّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة:١٣٦] نقل عنه «أنّ ما أنزل على الأنبياء من الكتاب مئة كتاب وأربعة كتب؛ على شيث خمسون صحيفة، وعلى إدريس ثلاثون صحيفة، وعلى إبراهيم عشرون صحيفة، وعلى موسى التوراة، وعلى داود الزّبور، وعلى عيسى الإنجيل، وعلى نبيّنا القرآن، صلوات الله عليهم أجمعين» (٤). ونقل عنه في الآية نفسها «عن وهب عن ابن عبّاس أنّ أوّل الأنبياء آدم وآخرهم محمّد عليهم السّلام» (٥).

وحين نقل اختلاف المفسرين في المعنى المراد ب‍ (مواراة سوءاتهما) في قوله تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما} [الأعراف:٢٠] قال: «وذكر القتبيّ أنّها كانت بجهلهما سوآتهما، فلمّا أكلا من شجرة العلم علما أنّهما عريانان فتواريا في الأشجار» (٦).


(١) درج الدرر ١٤٦.
(٢) درج الدرر ٢٤٣.
(٣) درج الدرر ١٥٩.
(٤) درج الدرر ١٦٠.
(٥) درج الدرر ١٦٠.
(٦) درج الدرر ٥٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>