للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه النّقول الكثيرة دليل على سعة اطلاع المؤلّف، وغزارة علمه. وهي أيضا تعطي صورة واضحة عن مرحلة مهمّة من مراحل مسيرة التّأليف في تفسير القرآن الكريم، إذ انصرف اهتمام العلماء في تلك المرحلة التي عاش فيها المؤلّف إلى جمع أقوال العلماء المتقدّمين، وتدوين آرائهم، وقد يناقشون تلك الأقوال والآراء، ويردّون على أصحابها، ويرجّحون بعضها على بعض. وكتاب (درج الدرر) شاهد صدق على هذه المرحلة من مراحل التّأليف.

[هـ‍-ما انفرد به]

ثمّة آراء وأقوال أوردها المؤلف في كتابه ولم أقف عليها في المصادر التي بين يدي، ولا سيما المصادر التي سبقت عصره، وسأسرد فيما يأتي عددا من الأمثلة على هذه الآراء والأقوال معتنيا بما له صلة باللغة والنحو:

في توجيه (عليكم) في قوله تعالى: {فَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ} [البقرة:٦٤] قال: «وإنّما قال: {عَلَيْكُمْ؛} لأنّه رجع إلى المعنى، أعني التّفضّل»، ثمّ انفرد برأي آخر فقال: «أو لأنّه نعمة عليهم» (١).

وفي قوله تعالى: {وَاِتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:١٢٥] ذكر أنّ (من) «زيادة»، وانفرد برأي آخر فقال: «أو لابتداء الغاية» (٢).

وانفرد برأي آخر في توجيه قوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} [البقرة:١٣٤] فقال: {تِلْكَ أُمَّةٌ:} أي: تلك الأمّة أمّة» (٣).

وفي توجيه {(مَعَهُمُ)} في قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ} [البقرة:٢١٣] نقل أنّ «(معهم) بمعنى: عليهم» (٤)، وهو قول لم أقف عليه.

وفي كلامه على قوله تعالى: {ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ} [البقرة:٢٣٢] قال: {أَزْكى:}

أدخل في باب التّزكية»، ثم نقل قولا لم أجده فقال: «وقيل: أزكى: أطهر لكم، فجمع بين اللّفظين تأكيدا» (٥).

وفي قوله تعالى: {يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اِسْمُهُ الْمَسِيحُ} [آل عمران:٤٥] ذكر آراء متعدّدة في سبب تسمية المسيح مسيحا، منها اثنان لم أقف عليهما، أولهما «لأنّه تمسّح


(١) درج الدرر ٧٧.
(٢) درج الدرر ١٤٦.
(٣) درج الدرر ١٥٨.
(٤) درج الدرر ٢٢٢.
(٥) درج الدرر ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>