للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

[مقدمة]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.

ثم أما بعد:

فلقد جاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - على فترة من الرسل بنور وكتاب مبين، فأقام دولة وأسس أمة وربى رجالاً بذلوا أرواحهم في سبيل الله من أجل رفعة دينه فرحمة الله عليهم من سلف صالح ولله در من تبعهم من خلف. أولئك الذين رفعوا لواء الإِسلام وكان دين الواحد منهم لحمه ودمه؛ بل أغلى عنده من نفسه، فوقف يدافع عنه ضد الهجمات التى يشنها أعداء الإِسلام، ولازالوا يناصبونه العداء.

فمن يا تُرى وراء تلك الهجمات؟ إنهم اليهود والنصارى على حد سواء في في القديم والحديث وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (١٢٠)} (١).

فاليهود إذن أشد حقدًا على الإِسلام والمسلمين، لأن النبوة الخاتمة لم تأت من نسل يعقوب الأعجمى، كما كانوا يريدون، ولكنها أتت من نسل إسماعيل العربي، وتلك هي البداية التي دفعتهم لتحريف كل كلمة تشير إلى العرب وأفضليتهم أو إلى النبي الخاتم - صلى الله عليه وسلم - الذي عرفوا صفته من كتبهم كما يعرفون أبناءهم فقال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (٢) فحرفوا ما يدل عليه من كلمات وبشارات وزيفوا التاريخ وبدلوا الحقائق على هذا الأساس.

وعند تتبع تاريخ بنى إسرائيل وموقفهم من الإِسلام يقف الباحث على حقيقة هامة وهي: أنه قد آمن

منهم من آمن عن طواعية واختيار، ورغبة في العدل والخير، وكائن سماحة الإِسلام السبب المبَاشر في

إسلامهم، وبقي من بقى منهم على يهوديته أو نصرانيته عصبية وحقدًا على المسلمين.


(١) سورة البقرة: الآية: (١٢٠)
(٢) سورة البقرة: الآية (١٤٦).

 >  >>