للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يعود الإمام أبو زهرة (١) ويقول: إن متي كتب إنجيله بالعبرانية، وأشهر النسخ كانت باليونانية ولكن موضع الخلاف في تاريخ تدوينه وفيمن ترجمه إلى اليونانية، فقال البعض إنه كُتب قبل خراب أورشليم وقيل كتب ما بين سنة ٦٠ وسنة ٦٥ من الميلاد وقيل ما بين عامى ٨٥ و ٩٠ وقيل كتب سنة ٣٧ أو ٣٨ أو ٤١ أو ٤٣ أو ٤٨ أو ٦١ أو ٦٢ من الميلاد (٢) ويؤيده في ذلك كثير من النقاد المسلمين (٣).

وبناءً على هذا الاختلاف الواضح في تاريخ التأليف يتساءل العلامة أحمد ديدات فيقول: (وإذا لم نقدر أن نعزى هذا الإنجيل وننسبه إلى الحواري متى فكيف نذعن له ونقبله على أنه كلام الله)؟ (٤).

إضافة إلى ما سبق يؤكد صاحب الفارق: (أن إنجيل متى كان بالعبرانية لا اليونانية، وأن نسخته الأصلية فقدت ثم ظهرت ترجمتها ولم يعلم إلى الآن كيف ترجم هذا الإنجيل؟، ومن هو المترجم وما هو حاله في القوة والضعف في الدين؟ وهل هو من المسيحيين أو اليهود أو غيرهم؟ وإذا كان كذلك فكيف تجزمون بهذا الإنجيل وتتخذونه دستورًا مقدسًا ترجعون إليه في عقائد الدين وأصوله، وكيف جزمتم بأنه لمتى وأنتم لا تعلمون الذي ترجمه؟ ولا تدرون هل أدخل فيه من الضلالات ما لايرضى به متى ولا المسيح) (٥).

ثم يوجه صاحب الفارق أصابع الاتهام إلى اليهود وما يحتمل أنهم قد فعلوه في إنجيل متى طارحًا افتراضًا عقليًا مؤداه أن اليهود وراء ترجمة هذا الإنجيل فيقول: (ولم لا يحوز أن تكون النسخة العبرانية قد وقعت في يد أحد اليهود أو الدخلاء في المسيحية فترجمها بما وافق غرضه ولائم هواه ودس فيها من العقائد ما يغضب الجبار ويوجب الخلود فى النار) (٦).


(١) هو: محمَّد بن أحمد أبو زهرة أكبر علماء الشريعة الإسلامية في عصره ولد بالمحلة الكبرى وتربى في الجامع الأحمدى وتعلم بمدرسة القضاء الشرعي وتولى تدريس العلوم الشرعية والعربية ثلاث سنوات وبدأ اتجاهه إلى البحث العلمى في كلية أصول الدين ١٩٣٣م وعين أستاذا محاضرا بالدراسات العليا في الجامعة ١٩٣٥م من مؤلفاته/ محاضرات في النصرانية، وأصول الفقه، والخطابة. وغيرها. توفى بالقاهرة (الأعلام للزريكلى ٦/ ٢٥، ٢٦).
(٢) محاضرات في النصرانية: ص ٤٦.
(٣) الإسلام والأديان "دراسة مقارنة" د / مصطفى حلمي ص ١٩٨ طبعة دار الدعوة - ط١ - ١٤١١ هـ ١٩٩٠م.
(٤) هل الكتاب المقدس كلام الله؟ أحمد ديدات ص ١٥٥ ترجمة الشيخ/ إبراهيم خليل أحمد ودراسة تحليلية وتقديم د/ نجاح الغنيمى ط / ١ دار المنار ١٤١٠ هـ ١٩٨٩م.
(٥) الفارق بين المخلوق والخالق ص ٣٧، ٣٨.
(٦) المرجع السابق ص ٣٨.

<<  <   >  >>