للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتضح من مدلول استخدامها في كل موضع من مواضعها أن المقصود بها هو إله اليهود وحدهم دون سائر الشعوب وهم شعبه المختار (١).

وفي تعليق د/ المطعني على هذا التخصيص يقول:

هذد النصوص تدل على "الإله القبلي" لبني إسرائيل باعتبارهم الشعب المختار- في زعمهم- لا لأنهم أتقياء مستقيمون ولكن لأنهم أبناء يعقوب، أما عدواته للأمم الأخرى من غير اليهود فلا لأنهم أشقياء ولكن لأنهم أعداء للشعب المختار وإن أقاموا الشريعة ولم يفعلوا إثمًا فالتفرقة هنا أساسها الجنس والمولد والعنصرية وليس الإيمان والتقوى والطاعة (٢).

وقد سار الدكتور المطعني، في نقده للنصوص بطريقة علمية فيطرح أسئلة استفهامية حول الادعاء التوراتى ويسلم للتوراة فيما تزعم ثم يناقش القضية مناقشة عقلية تستدرج ما يشتمل عليه النص من أكاذيب وبذلك يتسنى له إبطاها عن طريق إحاطته للدعوى بعلامات استفهام لا يستطيع الخصم الإجابة عليها، فيحاصره من كل اتجاه فلا يجد لنفسه ملاذا إلا التسليم للحق والذي يؤكد هذه الرؤية نقده لفكرة الإله القبلى.

فيتسائل مستنكرًا ومتعجبًا للعهد القديم فيما يدعيه من ذلك التخصيص ليصل بهم إلى كذب ما يدَّعون وإبطال ذلك التخصيص فيقول متسائلًا بعد أن استدل بالنص الذي يقول: "لأنك شعب مقدس للرب إلهك، إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له شعبًا أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض" (٣).

يقول: (لماذا خلق "الرب" الذي تصفه التوراة بتلك الأوصاف، لماذا خلق الأمم الأخرى؟ ولم يكتف ببني إسرائيل شعبه المختار؟! ولو صح هذا الزعم فإن الأمم الأخرى من غير بني إسرائيل لم يطلب منهم الرب أن يعبدوه أو يقدسوه؛ لأنهم إما غلفٌ أو أنجاسُ كما تقول التوراة نفسها فلماذا خلقهم إذن؟! ومع كل هذه التصورات الواهمة التي تزخر بها التوراة، هل ترى على الأمم من غير بني إسرائيل واجبًا لذلك "الرب" الذي لم تصوره التوراة إلا في صورة بغيضة لكل الأمم) (٤).

[المظهر الثاني: تعدد معبودات اليهود]

لم يعرف اليهود الاستقرار على عبادة الله الواحد طوال تاريخهم ... بل تنوعت وكثرت حتى شملت أغلب مظاهر الكون في سفله وعلوه كالأحجار والمعادن والنباتات (٥) والحيوانات (٦)، ومظاهر الطبيعة كالشمس والقمر (٧) ونجوم السماء وغير ذلك،


(١) جهود الإمامين أ/ سميرة عبد الله ص ٩٧.
(٢) الإِسلام في مواجهة الاستشراق ص ١٧٠، ١٧١.
(٣) تثنية: (٧/ ١ - ٦) طرد الأمم.
(٤) الإسلام في مواجهة الاستشراق ص ١٧٤.
(٥) أشعياء: (٤٤/ ٦ - ٢٠) بركات الرب لشعبه.
(٦) خروج: (٣٢/ ١ - ٥) العجل الذهبي.
(٧) الملوك الثاني: (٢١/ ٣، ٥) كرم نابوت اليزرعيلي، حزقيال: (٨/ ١، ٣، ١٦، ١٧) عبادة الأوثان في الهيكل.

<<  <   >  >>