للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم تقول التوراة بعد ذلك:

وكانت رفقه سامعه لما قاله زوجها إسحاق لابنه الأكبر عيسو فأرادت أن تكون البركة ليعقوب الذي تحبه فأعلمت يعقوب بالخبر وأمرته أن يذهب إلى الغنم ويأتيها بجديين فصنعت منهما أطعمة لإسحاق كما يحب وهو لا يعلم وأعطت الأطعمة إلى يعقوب ليقدمها إلى أبيه إسحاق على أنه عيسو فتقدم يعقوب من أبيه وكان إسحاق قد كُف بصره وقدم له الطعام قائلًا له هاأنذا ابنك الأكبر عيسو أقدم لك الطعام الذي طلبت قم وكل وباركني ثم باركه وقال له: "فليعطك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض ليكن لاعنوك ملعونين ومباركوك مباركين" (١).

[ج - جهود العلماء في نقد هذه الافتراءات والرد عليها]

وحول هذا الافتراء تنوعت جهود العلماء في تفنيده والرد عليه ويبرز في مقدمة هذه الجهود جهد د/ بدران محمد بدران ود/ المطعني ود/ الهاشمي ود/ صفوت مبارك والباحثة / سميرة عبد الله وغيرهم وجميعهم قد أكد أن النبوة لا تُنال بالحيلة والكذب فهي مقام شريف يمنحه الله -عَزَّ وَجَلَّ- لمن يصطفيه من عباده وهو سبحانه الذي يؤهله لذلك وقد برءوا ساحة النبوة عن هذه الخصال وقد اتسم المنهج الذي اتبعوه في دحض هذه الفرية بالتحليل لمفردات النص التوراتي ورده إلى الأصول الثابتة التي يحتكم إليها في مقام النبوة والأنبياء من هذه الأصول أن النبوة وحي واصطفاء.

فيقول د/ بدران:

وهذه صورهَ مشوهة رحمتها التوراة ليعقوب ويبدوا أن كتبة التوراة معجبون أشد الإعجاب بالنصب والاحتيال لذلك جعلوا من أبيهم إسرائيل نصابًا كبيرًا .. وأول عمليات النصب هذه هي سرقة البركة .. وعاونته أمه رفقة في هذه السرقة فتقول التوراة أن يعقوب سرق بركة أبيه من أخيه وتوأمه عيسو ودبرت أمه كل شيء (٢) .. وذكر نص القصة.

ويقول أيضًا: (وحسب تطور الأحداث في التوراة .. يمكن الاستنتاج بأن بني إسرائيل كانت لن تقوم لهم قائمة لو أن هذه البركة حلت على عيسو .. هكذا يحاولون الإيهام .. ويبررون ما وقعوا فيه من أخطاء أثناء كتابتهم للتوراة) (٣).


(١) تكوين: (٢٧/ ٢٨ - ٢٩) اسحاق يبارك يعقوب.
(٢) انظر: التوراة: د/ بدران، ص ٥٣.
(٣) المرجع السابق: ص٥٤.

<<  <   >  >>