للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي معالجة د/ حسن ظاظا لعقيدة اليهود في المسيح المخلِّص يطرح في رؤيته النقدية أبعاد تطور هذه الفكرة عبر العصور وكيف تعلق اليهود بهذا الحلم ومازالوا ينشدونه وينتظرون تحقيقه لأنه لم يأت بعد، وأرجع د/ ظاظا تعلقهم بالمسيح المنتظر إلى أمرين:

١ - العصبية القومية.

٢ - ما حدث لهم من تشريد وضياع في السبي البابلي وبعده.

فيقول د/ ظاظا: تأتي فكرة انتظار المخلص أو المسيح مقترنة بفكرة تجديد العهد مع الرب أو فكرة "العهد الجديد" عندئذ تتجدد آمة الله لتصبح جديرة بالله وعندئذ تصير أورشليم مدينة لا مثيل لها بين المدائن يقيم فيها الرب على جبل صهيون ويتجمع فيها المشردون من بنى إسرائيل، وتزول فيها الأحقاد، بل ويموت فيها الموت نفسه وفي وسط هذه الآمال المركزة على إسرائيل لا ينسي مروجو تلك البشارات أن يجعلوا فيها نصيبًا للإنسانية من غير بنى إسرائيل يقول أشعياء: "ويصنع رب الجنود لجميع الشعوب في هذا الجبل وليمة سمائن ... ويقال في ذلك اليوم" هو ذا إلهنا انتظرناه فخلصنا هذا هو الرب انتظرناه نبتهج ونفرح بخلاصه لأن يد الرب تستقر على الجبل" (١). ويكاد المعلقون على أمثال تلك النصوص يتفقون على أمر واحد هو أن مبعثها - فكرة المخلص - إنما كان تعصبًا قوميًا ضيق الأفق شديد الحقد وتعلقًا بفكرة الحق الإلهي في السلطة الدينية" (٢).

وعن تطور هذه الفكرة عبر العصور يضع د/ ظاظا يده على بداية ظهورها وسار معها حتى بين في أي وقت تأكدت عندهم وأصبحت عقيدرة ملازمة لهم حتى الآن وأصبحت من الثوابت العقائدية التي تتمركز حولها سائر أفعال اليهود في العصر الحاضر فيقول:

٣ - بدأت كلمة "مسيح" بالعبرية "ماشيح" حياتها اللغوية بمدلول مادي عادي فالفعل "مسح" كان يستعمل لمبايعة الملوك إذ يأتي الكاهن الأكبر الذي يقوم بطقوس التتويج ويأخذ على كله بعضًا من الزيت المقدس فيمسح به مقدم رأس الملك ثم يضع التاج وهكذا كان كل ملك عند العبريين يسمى في القديم "مسيحًا" أي أنه متوج بطريقة شرعية وممسوح بالزيت المقدس (٣).


(١) الإصحاح: (٢٦/ ٦ - ١٠) أنشودة حمد. مع الحذف.
(٢) الفكر الديني اليهودي: د/ حسن ظاظا، ص ٩٨.
(٣) المرجع السابق، ص ١٠٩.

<<  <   >  >>