للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبتحليل هذه الرؤية النقدية يتبين للباحث أن د/ غلوش قد غاص داخل النفسية اليهودية وحلل ميولها من خلال قرائته للواقع اليهودي المعاصر قراءة متأنية وبناءً على ذلك أسس رأيه السابق في هذا الموضوع.

ويري د/ صفوت مبارك:

أنه لا يوجد في التوراة التي بين أيدينا اليوم ذكر لليوم الآخر وما فيه بل إن الذي يقرأها يتبين له أن الجزاء فيها دنيوي بحت فمن آمن وعمل صالحًا فإنه يثاب على ذلك وثوابه إنما يكون في هذه الحياة الدنيا؛ ومن كفر وعصى فإنه يعاقب على ذلك وعقابه إنما يكون في هذه الحياة الدنيا، أما الآخرة فلا توجد إشارة إليها من قريب أو بعيد، أما فيما يتعلق بالثواب على الإيمان والعمل الصالح فهو أيضًا دنيوي (١).

وذكر د/ صفوت أدلة كثيرة تدل على ذلك منها ما يلي: "وإن سمعت سمعًا لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجميع وصاياه التي أنا أوصيك بها اليوم يجعلك الرب إلهك مستعليًا على جميع قبائل الأرض ... مباركًا تكون في المدينة ومباركًا تكون فى الحقل .. ومباركًا تكون فى دخولك ومباركًا تكون في خروجك" (٢).

وما جاء في سفر اللاويين "إذ سلكتم في فرائضي وحفظتم وصاياي وعملتم بها أعطى مطركم في حينه وتعطى الأرض كلتها وتعطى أشجار الحقل أثمارها .. فتأكلون خبزكم للشبع وتكونون في أرضكم آمنين ... وأسير بينكم وأكون لكم إلها وأنتم تكونون لي شعبا" (٣).

وأما فيما يتعلق بالعقوبة التي يعاقب الرب بها العصاة الذين يخالفون أوامره ووصاياه، فيلاحظ أنها كلها كوارث ومصائب ونوازل دنيوية وليس من بينها أي عقاب أخروي (٤) ذكر أدلة كثيرة تدل على ذلك منها:

(١) "ولكن إن لم تسمع لصوت الرب إلهك ... تأتي عليلث جميع هذه اللعنات وتدركك ملعونًا تكون في المدينة وملعونًا تكون في الحقل ملعونة تكون سلتك ومعجنك ملعونة تكون ثمرة بطنك وثمرة أرضك ... ملعونًا تكون في دخولك وملعونًا تكون في خروجك" (٥).

(٢) "لكن إن لم تسمعوا لي ولم تعملوا كل هذه الوصايا ... فإني أسلط عليكم رعبًا وسلاً وحمىً تفني العينين وتتلف النفس وتزرعون باطلاً زرعكم فيأكله أعداؤكم ... أطلق عليكم وحوش البرية ... وأصير مدنكم خبر به" (٦).


(١) انظر: مدخل لدراسة الأديان ص ١٣٨، ١٣٩ بتصرف يسير.
(٢) تثنية: (٢٨/ ١ - ١٧) بركات الطاعة.
(٣) الإصحاح: (٢٦/ ٣ - ١٢) مكافأة الطاعة.
(٤) مدخل لدراسة الأديان ص ١٣٨، ١٣٩.
(٥) تثنية: (٢٨/ ١٥ - ١٩) لعنات العصيان.
(٦) لاويين: (٢٦/ ١٤ - ٣١) عقوبة العصيان.

<<  <   >  >>