للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والباحثة / سميرة عبد الله عرضت ما يتعلق بتصور اليوم الآخر في التوراة وباقى أسفار العهد القديم في نقاط مجملة ثم فصلت ذلك الإجمال وناقشته وأضافت إلى ما ذكره د/ الهاشمي من أدلة - نصوصًا أخرى بينت سيطرة المادة على قلوب اليهود ولذلك فلا مكان للروحانيات عندهم واقتصرت التوراة على ذكر الموت في هذه الدنيا بصورة مادية بحتة، تاركة ذكر مصير الإنسان بعد الموت بدون بيان جلي صريح فنهاية آدم - عليه السلام - تختم بالموت ولا شىء بعد الموت ونص ذلك: "لأنك تراب وإلى التراب تعود" (١) ... أما الحديث عن الحياة الأخرى والجنة والنار بعد البعث فالتوراة خالية من ذلك تمامًا وجعلت مناط الطاعة والمعصية هو الإثابة والعقوبة في الدنيا المتمثل في البركات واللعنات المادية التي تصيب الإنسان (٢).

[٣. الأسباب وراء خلو العهد القديم من ذكر اليوم الآخر]

ولقد أَرْجع بعض العلماء خلو العهد القديم من ذكر اليوم الآخر (٣) للأسباب التالية:

١ - (لعل السبب في ذلك وجودهم بين المصريين مدة ٤٣٠ سنة كما جاء في سفر الخروج "وأما إقامة بنى إسرائيل التي أقاموها في مصر فكانت أربع مائة وثلاثين سنة" (٤) واقتباسهم منهم هذه العقيدة التى كانت عالقة كثيرًا بأذهان المصريين فانتقلت منهم إلى بنى إسرائيل وأصبحت عندهم من الأمور التي لا يترددون في قبولها فلذا لم يحتاجوا للتذكير بها كثيرًا فاكتفت كتبهم بالإشارة إليها أحيانًا) (٥).

٢ - أو كان السبب في قلة ذكر كتبهم لها أن الناس كانوا في تلك الأزمنة قصيري الإدراك متبلدي الشعور وخصوصًا اليهود ذوي الرقاب الصلبة كما جاء في سفر الخروج "وقال الرب لموسى رأيت هذا الشعب وإذا هو شعب صُلْبُ الرقبة (٦) " فلذا ما كانوا يتأثرون ولا تنفعل نفوسهم بالمواعيد الآجلة انفعالها بالمواعيد العاجلة التي أكثرت كتبهم من ذكرها لهم لغلظ قلوبهم وقسوتها فلما كثر بين الناس الشك في هذه العقيدة وارتقى إدراكهم ورق شعورهم عن ذي قبل جاء سيدنا عيسى - عليه السلام - لتبيين هذه العقيدة العظمى واشتهر بالتصريح بها أكثر من جميع من سبقه من أنبياء بنى إسرائيل) (٧).


(١) تكوين: (٣/ ١٩) وجهود الإمامين، ص ٥١٤.
(٢) انظر: تثنية: (٢٨/ ١ - ١٦)، تثنية: (٢٨/ ١٦ - ٤٦) وانظر: جهود الإمامين، ص ٥١٦ - ٥١٧.
(٣) اللهم إلا بعض إشارات طفيفة كما في سفر التثنية: (٣٢/ ٣٩)، دانيال: (١٢/ ٢ - ٣) وغير ذلك.
(٤) الإصحاح: (١٢/ ٤٠) الخروج.
(٥) نظرة في كتب العهد الجديد د/ محمد توفيق صدقي، ص ١٦٤، ١٦٥ مطبعة المنار بمصر ١٣٣١ هـ.
(٦) الإصحاح: (٣٢/ ٩) العجل الذهبي.
(٧) نظرة في كتب العهد الجديد ص ١٦٥ مرجع سابق.

<<  <   >  >>