للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففى نقد د/ محمد أبو زيد لهذا العهد يبرز مواطن الخلل والتناقض فيه فيقول:

(العهد الذي نسبته التوراة لإسحاق - عليه السلام - ذكر أن جميع الأمم تتبارك بنسله وهذا خلل واضح في التوراة؛ لأن اليهود مبغوضين من كل أمم الأرض ولم يتبارك أحد بهم؛ بل لا يكاد ينجو من شرهم كل من ربطته بهم علاقة ما قريبة أم بعيدة! لذلك تراهم يخشون الناس ويخشاهم الناس) (١).

وبناء على هذا الخلل الواضح فإن العهد لا يستقيم لليهود ولم يتحقق وعد الله لإسحاق كما تدعى التوراة أنه يعطي له ولنسله الأرض .. وعلى كل حال لم يتملك شيئًا من بلاد الشام وهذا يتناقض مع عهود التوراة ويتفق مع القرآن لأن القرآن لم يذكر أي عهد لإسحاق (٢).

[فما نصيب إسحاق - عليه السلام - من فلسطين؟]

ليس له من نصيب فيها ذلك أنه ولد في جرار وهي خارج فلسطين وكان يحكمها أبيمالك العربي ... فجرار أرض غريبة، وإسحاق الجد الأعلى لبني إسرائيل، لم يتمتع بأية حقوق في أرض فلسطين، لم يملك حق الولادة فيها، إذ ولد في أرض غريبة يحكمها حاكم عربي خارج فلسطين، وعاش فيها فترة ضيفًا على أهلها, ولم يملك حق الدم، إذ أنه "كلداني" (٣) بسبب أن أبويه إبراهيم وسارة كلدانيان ثم رحل إسحاق إلى "فدان آرام" على الحدود السورية التركية ما بين "الخابور" (٤) والفرات و"رفقة" زوجته ووالدة يعقوب من أصل كلداني لأنها من نسل إبراهيم - عليه السلام - أي لم تكن فلسطينية كما أنها لم تولد في فلسطين وإنما جيء بها من بلدان كلدان - أرض ما بين النهرين، أرض العراق، وما ملك أرضًا ولا نال حكمًا ولا نسبًا يهوديا بحكم التوراة والتاريخ والقرآن ولم يكن يهوديا، إذ لم تنزل التوراة إلا بعده بخمسة قرون وتوفي إسحاق في حبرون - حيث تغرب إبراهيم وإسحاق فمات غريبًا في حبرون في جنوب فلسطين على حدود صحراء "النقب" (٥) والنص يقول: "جاء يعقوب إلى إسحاق أبيه إلى حبرون، حيث تغرب إبراهيم وإسحاق وكانت أيام إسحاق ١٨٠ سنة فأسلم إسحاق روحه ومات ودفنه عيسو ويعقوب - ابناه" (٦).

وبناءً على ما سبق:

(فالعهود الربانية والمواثيق لإسحاق في تملك فلسطين له ولذراريه إلى الأبد في أكثر من ثلاثة مواضع في التوراة: لم يتحقق منها شيء قط كما تقول التوراة وكما يشهد التاريخ ولم يذكر القرآن تملكهم أو حكمهم فيها، فلابد أن كاتبي التوراة كاذبون وحاشا لله أن يكذب أو أن يخلف الميعاد، في عهود مفتراة ومواثيق مكذوبة - تنقضها التوراة نفسها إذ تذكر العهود ولا تذكر تنفيذها ولا تحقيق شىء منها) (٧).


(١) أرض الميعاد: د/ محمد أبو زيد: ص ٢.
(٢) انظر: المرجع السابق: نفس الصفحة.
(٣) كان الكلدانيون يسكنون "كلديا" في جنوب بابل وكانوا هم الجنس الغالب في بابل وكانوا يشغلون مناصب السلطة والسيادة فيها (قاموس الكتاب المقدس ص ٧٨٥).
(٤) هو: نهر في أرض الكلدانيين استقر على ضفتيه بعض المسببين اليهود وهو قناة كبيرة في جنوب شرق بابل (قاموس الكتاب المقدس ص ٣٣٤).
(٥) فلسطين في الميزان: ص ٣٩.
(٦) تكوين: (٣٥/ ٣٧، ٣٨) عودد يعقوب إلي بيت إيل.
(٧) فلسطين في الميزان: ص ٣٩.

<<  <   >  >>