للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحول الطهارة والنجاسة عمومًا يعلق د/ المسيري قائلًا:

(يعود اهتمام الشريعة اليهودية الحاد بمشاكل الطهارة والنجاسة إلى الطبقة الحلولية داخلها التى تتبدى في محاولة دائمة للفصل بين اليهود المقَدَّسين والأغيار المدنَّسين وتنص الشريعة اليهودية على عدة مصادر أساسية للنجاسة الشعائرية أهمها أجساد الموتى (١) والأشخاص الذين يتصلون بالأشياء النجسة قد ينقلون نجاستهم إلى الآخرين، والأشياء المقدسة التي تنجس مثل القرابين التي تقدم من ذبائح وحبوب يجب أن تحرق وينبغى على الأشخاص غير الطاهرين ألا يلمسوا الأشياء المقدسة وألا يدخلوا الهيكل أو ملحقاته) (٢).

إلى هذا الحد من التعقيد وصل الأمر بالشريعة اليهودية المحرفة في باب النجاسات فما بالنا بعملية التطهير من هذه النجاسات تُري هل تكون أخفى وطأة من التنجس أم لا؟

ولذلك يوضح د/ المسيري عملية التطهير بقوله:

(وتختلف شعائر التطهر باختلاف مصدر النجاسة فالحمام الطقوسى كان يُعد كافيًا للتطهر من النجاسة الناجمة عن الجماع أو القذف، بينما يجب تقديم القرابين الحيوانية للتطهر من النجاسة الناجمة عن الولادة وغيرها) (٣).

[وخلاصة هذا المبحث]

١. هذه الطقوس التي يفرضها كهنة نبي إسرائيل ويزعمون أنها من أوامر الإله لسيدنا موسى - عليه السلام - تؤكد أن النفسية اليهودية تحرص على الانعزالية دائمًا، ومن ثم يسهل الفصل بين اليهود الذين يدعون القداسة والطهارة وبين غيرهم من الشعوب الأخرى، كما يدعون.

٢. اتسام الشريعة اليهودية بالتشدد والتعقيد إلى حد يجعل الأصل عندهم هو النجاسة والطهارة فرع عنه، وذلك من شدة الأوامر الصارمة التى تتأذى منها النفس البشرية السوية وتتصادم مع العقل السليم.


(١) والنص الذي يوضح ذلك يقول: "من مس ميتًا، ميتة إلسان ما يكون نجسًا سبعة أيام يتطهر به في اليوم الثالث" عدد: (١٩/ ١١ - ١٢).
(٢) موسوعة اليهود واليهودية ٥/ ٢٤٣.
(٣) المرجع السابق نفس الجزء والصفحة.

<<  <   >  >>