للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أ - موقف الإِسلام من التوراة المنزلة على سيدنا موسى عليه السلام:

الإِسلام له رأيه المستقيم الواضح في التوراة والإنجيل، وقد أعطي لكل نبي من الأنبياء حقه من القداسة والاحترام إذ أن الرسل "صلوات الله وسلامه عليهم" هم المبلغين عن الله عَزَّ وَجَلَّ بواسطة أمين الوحى جبريل عليه السلام.

وقد جعل الله عَزَّ وَجَلَّ الإيمان بهم جزءاً أساسياً يسهم في تشكيل عقيدة المسلم فلا يصح إيمان عبد إلا إذا آمن برسل الله أجمعين وبما أنزله الله عَزَّ وَجَلَّ عليهم من كتب ولا يصح التفريق بين أحد منهم فقال تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (١).

في هذه الآيات يخص القرآن الكريم (التوراة والإنجيل) من بين ما أنزل علي الأنبياء، ويدلي بشهاداته القيمة بشأنهما تكريماً لهما، وبياناً لأهمية أحكامهما ولأنهما الكتابان الوحيدان اللذان بقيت آثارهما حتى الآن (٢). وقد وصف القرآن الكريم التوراة المنزلة علي سيدنا موسى "عليه السلام" بأنها هدي لبنى إسرائيل فقال تعالى: {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا} (٣). ويقول سبحانه: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (٥٣) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (٤). وهي نور يهتدي به الساري في ظلمات الحياة ومسالكها يقول تعالى: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ} (٥). وهي نظام دقيق لشؤون الحياة، والالتزام بها رقة للقلب وشفافية للروح وإحسان وتراحم لما فيها من تفصيل لكل شىء وذكر للآخرة- ثوابها وعقابها (٦).


(١) سورق البقرة الآية: (١٣٦ - ١٣٧).
(٢) التربية في التوراة د/ الهاشمي ص ٣١، ط / مؤسسة الرسالة، ط/ ١، ١٤٢٠ هـ، ٢٠٠٠ م.
(٣) سورة الإسراء الآية: (٢).
(٤) سورة غافر الآية: (٥٣ - ٥٤).
(٥) سورة الأنعام جزء من الآية: (٩١).
(٦) التربية في التوراة: د/ الهاشمى، صـ ٣١ ولمزيد من التفصيل انظر: من قضايا التوراة دراسة وتحليل أ. د / محمَّد شلبى شتيوي ص ١٧ - ١٩ مكتب الفلاح - الكويت ط ١/ ١٩٨٨م.

<<  <   >  >>