للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال تعالى: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤)} (١) وإن الغاية من إنزالها لعلهم يؤمنون بالآخرة، وهم ينكرونها في توراتهم ولا يقيمون لها وزناً وغير ذلك من الأوصاف التي عددها القرآن الكريم من أنها ضياء وفرقان (٢) ودستور حكم (٣): حكم بها الأنبياء والأحبار بما حفظوا منها وبهذا يتضح رأي الإِسلام فيما أُنزل على سيدنا موسى عليه السلام ..

ب. موقف الإِسلام من التوراة الحالية:

١ - يقرر القرآن الكريم وقوع التحريف في التوراة الحالية فقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} (٤) أعم من أن يكون اختلافاً في جوهرها أو في فهمها، وقرر أيضًا وجود الاختلاف بين بين إسرائيل بعضهم البعض فقال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (٥).

فالتوراة الحالية ليست هى المنزلة على سيدنا موسى عليه السلام وقد حرف اليهود التوراة تحريفاً مادياً ومعنوياً أما التحريف المادي اللفظى فكان للكلمات والفقرات بأخرى فأزالوا وقدموا وأخروا وبدلوا وأضافوا حسب أهوائهم، وأما تحريفهم المعنوي فكان بتغيير مدلول الكلمات لتوافق أهواءهم وانحرافاتهم العقدية والأخلاقية فقال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (٦).

٢ - ما كان من مضمون التوراة موافقاً للقرآن الكريم أو السنة المطهرة يُقبل ولا يرد باعتبار أن معناه صحيح، رغم فقدانه للنص المقدس، وذلك مثل الأحكام الموجودة في التوراة وأكدها القرآن في سورة إلى المائدة كأحكام القتل والزنا وغيرهما (٧).


(١) سورة الأنعام الآية: (١٥٤).
(٢) يقول تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ} (سورة الأنبياء الآية: ٤٨، ٤٩).
(٣) ويقول تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ} (سورة المائدة الآية: ٤٤) انظر: التربية في التوراة د/ عابد الهاشمى ص ٣١، ٣٢.
(٤) سورة فصلت جزء من الآية: (٤٥).
(٥) سورة النمل الآية: (٧٦). وانظر دراسات في التوراة. أ /عطية إبراهيم الشوادفي ص ٨٥ ط / مجمع البحوث الإِسلامية ١٩٨٥م.
(٦) سورة المائدة الآية: (١٣) وانظر: إظهار الحق ١/ ٢٠٥ وما بعدها.
(٧) التربية في التوراة: د/ الهاشمى، ص ٣٣

<<  <   >  >>