للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[السلوك العدواني في سفر العدد]

فخلال الفترة التي أمضاها موسى التورايى في الصحراء يدرب جماعته تدريبًا يتناسب وأفكاره العدوانية العنصرية كان دومًا يشى إلى ضرورة الانعزال وإبادة الآخرين من الأمم الأخرى والتمسك. بمبادىء يهوه الناطقة باسمه، وقد نجح موسى في زرع النزعات العدوانية في نفوس جماعته واستدل د/ على خليل بما ورد في سفر العدد والذي يروى عن غزو مديان والمجزرة التي ارتكبها أتباع موسى في هذه المنطقة والتي يعتبرها كاتب السفر بطولات وواجب ديني وتنفيذًا لأوامر الإله يهوه (١): والشاهد من قصة غزو مديان ما يلي: "وكلم الرب موسى قائلًا انتقم نقمة لبني إسرائيل من المديانيين (٢) ثم تضم إلى قومك: فكلم موسى الشعب قائلًا جردوا منكم رجالًا للجند فيكونوا على مديان ليجعلوا نقمة الرب على مديان" (٣).

"فتجندوا على مديان كما أمر الرب وقتلوا كل ذكر وملوك مديان قتلوهم فوق قتلاهم وسبي بنو إسرائيل نساء مديان وأطفالهم ونهبوا جميع بهائمهم وجميع مواشيهم وكل أملاكهم وأحرقوا جميع مدنهم. بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار، وأخذوا كل الغنيمة وكل النهب من الناس والبهائم ... ، فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة عرفت رجلًا بمضاجعة ذكر فاقتلوهما" (٤).

[والواضح من النص السابق]

ظهور النزعة العدوانية التي زرعها موسى التوراتي في نفوس أتباعه حسب زعم كاتب السفر وأنه لا وجود مطلقًا للرحمة والشفقة في قلوبهم على الأطفال والنساء، ولا مجال لوجود الروح الإنسانية فيهم إذ يرتكبون هذه المجزرة البشعة وليس ذلك فحسب بل الأسر والسرقة والحرق والتخريب مما يدل على القسوة والوحشية والعدوانية المفرطة ولذلك يقول د/ على خليل في التعليق على هذه المجازر:

لقد نسى موسى أو تناسي أنه كان نزيلًا لدي المديانيين وأن زوجته مديانيه وهي: "صفورة ابنة كاهن مديان يثرون" وأن المديانيين احتضنوه وعاش في كنفهم معززًا مكرمًا ... وهذه المجزرة كانت تأكيدًا واضحًا على سياسة الانغلاق والعنصرية والغدر والعدوان، وطريقًا سار عليه أتباعه فيما بعد ولا يزال حتى الآن المنهاج الرتيسي للحياة اليهودية (٥).


(١) التعاليم الدينية اليهودية، ص ٩.
(٢) هم: نسل مديان القاطنون في أرض مديان، ومديان أحد أولاد إبراهيم من قطورة (تكوين ٢٥/ ٢، ٤) وقال بعضهم إن أرض مديان كانت تمتد من خليج العقبة إلى موآب وطور سيناء، وكان شعبها يتاجرون مع فلسطين ولبنان ومصر، وسكن موسى مدة في مديان، والمنطقة إلى تقع شرقى خليج العقبة تسمى الآن "مديان" (قاموس الكتاب المقدس ص ٨٥٠).
(٣) عدد: (٣١/ ١ - ٣) الانتقام من المديانيين
(٤) عدد: (٣١/ ١ - ١٧) السابق، باختصار.
(٥) التعاليم الدينية اليهودية، ص ٩.

<<  <   >  >>