للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (١).

وليس ذلك فحسب بل اضطهدوا عيسى -عليه السلام- وأرادوا قتله كما قتلوا غيره من الأنبياء، وادعوا كذبًا أنهم قتلوه وبعد القتل صلبوه وقد نفي القرآن الكريم ذلك وأبطل مزاعمهم فقال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} (٢).

وزعموا أن هذا الصلب يكفر عنهم خطاياهم التي ارتكبوها فهو المخلِّص والفادي وأن الذنوب لا تُغفر إلا إذا اعترف الخاطئ أمام القسيس وقدم القرابين وصكوك الغفران، وأصبح للكنيسة سلطان على النصارى لا يجب عليهم مخالفته ومن خرج عليها يرمونه بالهرطقة وغير ذلك من القضايا التي جعلوها أساسًا للاعتقاد عندهم بل وضعوا من خلال المجامع المقدسة -في زعمهم- قانونًا يجمع الطوائف المسيحية في صيغة إيمانية واحدة.

ولعلماء المسلمين على مر العصور جهود قيمة في نقد هذه العقائد لا سيما -فترة البحث- ولقد أسسوا نقدهم لتلك العقائد على المعايير التالية:

١ - بيان استحالة ما يدعون عقلًا.

٢ - بطلان ما يدعون من عقائد لوقوع التناقض بينها وبين غيرها من العقائد الصحيحة.

٣ - معارضهَ مزاعمهم الباطلة لنصوص أخرى في الكتاب المقدس.

٤ - رد التأويل الفاسد للنصوص إلى التأويل الصحيح بما لا يخالف أصلًا من أصول التوحيد أو يتضمن فسادًا في العقيدة.

٥ - التسليم الجدلي لما يدعيه النصارى استدراجًا لهم في إبطال دعواهم.

وفي هذا الفصل يتضح جيدًا كيف طبق العلماء هذه المعايير أثناء نقدهم للعقيدة النصرانية على النحو التالي:


(١) سورة التوبة الآية: (٣٠).
(٢) سورة النساء الآية: (١٥٧).

<<  <   >  >>